ومُعامَلة وغيرِها، كانوا بثباتها مُعتنين. وتصحيح ألفاظها لفرطِ اهتمامهم بها، فجعلوا لجمعها لفظًا يحفظ صيغتَها من التغيير والتكسير.

وأمّا صفاتُهم؛ فإنّها جارية مجرى الأفعال، فزادوا عليها بعد تمامها على الجمع، كما يُفعل ذلك بالفعل في نحو: "يَقُومُونَ"، و"يَضْرِبُونَ" فكما جمعوا أفعالَهم بالواو والنون، كذلك جمعوا صفاتِهم؛ لأنّ الصفة تجري مجرى الفعل. وأمّا النون فكالعوض من الحركة والتنوين اللذَيْن كانا في الواحد على ما بيّنّاه في فصل التثنية، وتحريكُها لالتقاء الساكنين، وهما النون، وما قبلها من حروف اللِّين.

وخُصّ الجمع بالفتح، ليُفرَّق بين نون الجمع ونون التثنية، وقد تقدم ذلك. فقد جاءت أسماءٌ مجموعةٌ جمعَ السلامة، وهي مؤنّثةٌ، وليست واقعةً على من يعقل، وهي "ثُبَةٌ"، و"قُلَةٌ"، و"أَرْضٌ"، و"حَرَّةٌ"، و"إوَزَّةٌ". وذلك من حيث كانت أسماء معتلّة منتقصًا منها، وأكثرُها محذوفةُ اللام، فجُعل جمعُها بالواو والنون كالعوض من الذاهب منها، فـ"ثُبَةٌ" بمعنى الجماعة من الناس وغيرهم، وأصلُه: "ثُبوة". والذي يدلّ على ذلك قولُهم: "ثبَّيْتُ الشيء" إذا جمعتَه. قال لَبِيدٌ [من الطويل]:

694 - تُثَبِّي ثَناءً من كَرِيمٍ وَقَوْلِه ... ألا انْعَمْ على حُسْنِ التَّحِيةِ واشْرَبِ

فـ"ثَبَّيْتُ" يدلّ على أن اللام حرفُ علّة، وأن الثاء فاءٌ، والباء عينٌ، ولا يدلّ أنّه من واو أو ياء؛ لأنّ الواو إذا وقعتْ رابعةً طرفًا، لا تثبت، ألا تراهم قالوا: "عَدّيْتُ"، و"خَلَيْتُ"، وهو من "العَدْو"، و"الخَلْوَة". لكن لما كان الأكثرُ فيما حُذفت لامُه من الواو، نحو: "أخٍ"، و"أَبٍ"، و"غَدٍ"، و"هَنٍ"، قُضي عليه أنه من الواو، والأكثر في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015