والنون عوضًا منه، فإن "أرضًا" اسمٌ مؤنثٌ، والقياسُ في كل اسم مؤنّث أن يدخله علمُ التأنيث، للفرق بينه وبين المذكّر، نحو: "قائم"، و"قائمة"، و"ظريف"، و"ظريفة"، و"رَجُل"، و"رَجُلَة" وأمّا ما تُركت منه العلامةُ، فللخفّة والثِّقةِ بدلالةِ باقي الكلام عليه، قبله أو بعده، و"أرْضٌ" مؤنّثةٌ، فكان فيها هاءٌ مرادةٌ، وكان التقدير: أَرْضَةٌ، فلمّا حُذفت الهاء التي كان القياس يُوجِبها ويستحِقّها عَلَمُ الفرق، عوّضوا منها الجمعَ بالواو والنون، فقالوا: "أَرَضونَ"، وفتحوا الراء في الجمع، ليدخل الكلمةَ ضربٌ من التغيير استيحاشًا من أن يوفوه لفظَ التصحيح ألبتّةَ، وليُعْلِموا أيضًا أن "أرضًا" ممّا سبيلُه لو جُمع بالتاء أن يُفتَح راؤه، فيقال: "أرَضاتٌ"؛ لأنّ "فَعْلَةَ" إذا كان اسمًا، وجُمع بالألف والتاء، فإنّ عينه تُحرَّك في الجمع بالفتح أبدًا، نحو قولهم في "جَفنَةٍ": "جَفَناتٌ"، وفي "قَضعَةٍ": "قَصَعاتٌ"، فرقًا بين الاسم والصفة.
وأمّا "حَرَّةٌ"، فهي أرضٌ ذاتُ حجارة سُود كالمُحْرَقة، يقال: "حَرَّةٌ"، و"أَحَرَّةٌ"، والجمعُ "حَرُّون" و"أَحَرَّونَ"، قال الشاعر [من الرجز]:
696 - لا خِمْسَ إلا جَنْدَلُ الأَحَرِّينْ ... والخِمْسُ قد أَجْشَمَكَ الأمَرَّينْ
وأصله: "أَخرَرَةٌ" على زنةِ "أَفْعَلَةَ"، فكرهوا اجتماعَ مثلَيْن متحرّكَيْن، فنُقلت حركةُ الأول إلى ما قبله، وهي الحاء، ثمّ ادُّغم أحدهما في الآخر. ومثله "إوزَّةٌ" و"إِوَزُّونَ". قال الشاعر [من البسيط]:
697 - تلْقى الإوَزُّونَ في أَكْنافِ دارَتِها ... فَوْضًى وبين يَدَيها التِّيْنُ مَنْثُورُ