"لقيتُه قائمَين"، تريد حالًا منك، وحالًا منه، نحوَ قول الشاعر [من الوافر]:
مَتَى ما تَلْقَني فَرْدَيْن تَرْجُفْ ... رَوانِفُ ألْيَتَيْكَ وتُسْتَطارَا (?)
* * *
قال صاحب الكتاب: و"صَحْرَة وَبَحْرَة"، أي: ذَوَيْ صحرةِ وبحرةِ، أي: انكشاف واتساع لا سُتْرةَ بيننا. ويُقال: "أخبرتُه بالخبر صحرةَ بحرةَ"، ويقولون: "صحرةً بحرةً نَحْرَة"، فلا يبنون لئلا يمزُجوا ثلاثةَ أْشياءَ، وهو "جارِي بَيتٌ إلى بيتٍ، أو بيتٌ لبيتٍ"، أي: هو جاري مُلاصِقًا، و"وقع بَينَ هذا، وبين هذا". قال عَبِيد [من مجزوء الكامل]:
656 - [نَحْمي حَقيقَتَنا] وَبَعْضُ ... القَوْمِ يَسْقُطُ بَينَ بَيْنَا
* * *
قال الشارح: يُقال: "لقيتُه صَحْرَةَ بَحْرَةَ"، أي: ليس بيني وبينه ساتر، وهما مركبان، والتقديرُ: صحرة وبحرة، فحُذفت الواو، وتضمن الكلامُ معناها، فبُني لذلك، وفُتح للخفة، وموضعُهما حال. والتقدير: لقيتُه بارزًا، واشتقاقُهما من "الصحْراء"، و"البَحْر"، و"صحرة" و"بحرةٌ" مصدران، أي: ذوَيْ صحرةٍ وبحرةٍ، أي: ذوي انكشافٍ واتّساع. ويقولون: "لقيتُه صَحْرَةً بَحْرَةً نَحْرَةً"، فيُعربونها، وينصبونها منونة؛ لأنّهم لا يُركبون ثلاثة أشياء اسمًا واحدًا، و"نَحْرَة" من "نَحْرِ الشهْر"، وهو أولُه، أي: لقيتُه مكشوفصا نهارًا.