وقالوا: "حَيصِ بَيْصِ"، بكسر الآخِر منهما، قال الشاعر [من الرجز]:

655 - صارت عليه الأرضُ حَيْصِ بَيْصِ ... حتى يَلُقَّ عِيصَهُ بعِيصِي

وربما كسروا الأولَ منهما في اللغتَين، فقالوا: "حِيصَ بِيصَ"، و"حِيصِ، بِيصِ". وعلى هذا تكون الواوُ في "بيص" قد إنقلبت ياءَ لسكونها وانكسارِ ما قبلها على حد انقلابها في "مِيزان"، و"مِيعادِ". وقد ينونونهما، فيقولون: "حيصٍ بيصٍ"، و"حيصًا بيصًا". حكى ذلك أبو عمرو (?). ومَن فتحهما، فقد طلب الخفّةَ، كما قلنا في "خمسةَ عشرَ". ومَن كسر، فلالتقاء الساكنين، ويجوز أن تجعله صوتًا كأنه حكايةُ ما يقع في الاختلاط والفتنة، وعلى هذا لا يكون مشتقًّا من شيء، فتكسره كما تكسر الأصوات، نحوَ: "غاقِ، غاقِ" إذا قدرتَه تقديرَ المعرفة، وتُنونه إذا نويتَ النكرة.

وقالوا: "لقيتُه كَفةَ كَفةَ" إذا فاجأتَه، وهما اسمان رُكّبا اسمًا واحدًا، وبنيا على الفتح بناءَ "خمسةَ عشرَ". والأصل: "كَفة وكَفة"، أي: كفة منه وكفة منّي. ويجوز أن يكون الأصل: كفّةَ على كفّهٍ، أو كفّةً، عن كفة وذلك أن المتلاقيَين إذا تلاقيا، فقده كَف كل واحد منهما صاحبَه عن مجاوَزته إلى غيره في وقتِ التقائهما، فـ "كَفةٌ كَفةٌ" مصدران في موضع الصفة، ومحلُهما نصبٌ على الحال، كأنك قلت: "لقيته متكافَّيْن" مثلَ قولك:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015