. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وَاستدلَّ بقولِهِ تعالى: {إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيكَ كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نُوحٍ} [النساء: 163]:

وَأُجِيبَ: بِأَنَّ ذلكَ رَدٌّ لاسْتبعادِ الكفَّارِ أن يُوحَى إلى بشرٍ، ولو سلم فَمَعْنَاهُ أَنَّه تُعِبَّدَ بِمثلِهِ لا باتباعِهِ.

وَاحتجَّ بقولِهِ تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: 13]:

وَأُجِيبَ بحَمْلِهِ على أَصْلِ التوحيدِ، وَخَصَّ نُوحًا؛ تَشرِيفًا لَهُ، وَلَو سُلِّمَ، فيحملُ عَلى أَنَّه تُعُبِّدَ بِمِثلِهِ.

وَاحتجَّ بقولِهِ تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [النحل 123]:

وَأُجِيبَ: بمثل ما تقدَّم مِنْ حَمْلِهِ على التوحيدِ؛ لأَنَّهُ لَا يُقَالُ: ملة الشَّافعيِّ، ولا دين الشَّافعيِّ، ثُمَّ هذِهِ حُجَجٌ تُعارَضُ بَعضُها بِبَعْضٍ.

وَاحتجَّ المانِعُ: بأنَّ مُعاذًا لَمْ يَذكُرْهُ، وصَوَّبه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

وَأُجِيبَ: بِأنَّه يحتملُ أَنَه تَرَكَهُ؛ لِشمولِ الكتاب لَهُ.

قَالوا: لَو كانَ، لكانَ تَعَلُّمُهَا من فروضِ الكَفاياتِ، وَلَوَجَبَتِ المُرَاجَعَةُ والبَحْثُ.

وَأُجِيبَ بِأنَّ المعتبرَ فِيها ما ثَبَتَ بالتواتُرِ، أو الوَحْي، وأنَّه غَيرُ محتاجٍ إِلى ما ذكرتُمْ.

احتَجُّوا بأَنَّ شَرِيعَتَنَا ناسخةٌ لجميعِ الشَّرائِعِ.

وَأُجيب بِأنَّ معناهُ: ناسخةٌ لِمَا خالفَهَا، وَإِلَّا لَزِمَ نَسْخُ الإِيمانِ وَتَحريمُ الكفرِ، وَاختارَ الغَزَّالِيُّ أَنَّه لا يرجعُ إِلى شيَءٍ مِنْ ذلكَ، قَال: لأَنَّه لو كانَ مَأْخَذًا مِنْ مآخذِ الشَّرْعِ، لَبَيَّنَهُ - عليهِ السلامِ - كَما بَيَّنَ القياسَ، وَغَيرَهُ مِنَ المآخِذِ، ولَرَجَعَ إليهِ واحدٌ مِنَ الصحابةِ عَلى طُولِ الدُّهُورِ، وكَثْرَةِ الوقائِع، وَشِدَّةِ تَروِّيهم فيها، ورُجُوعِهِمْ في الاشتوار إلى الجماعةِ، وكانَ فيهِم كَعبُ الأحْبَارِ، وابن سلام، ووهب، وَلَمْ يُرَاجَعَوا قَطُّ، فاسْتبانَ بهذَا أَن لا حُكمَ لَهُ أصْلًا، والله أَعلمُ.

مَسْأَلَةٌ:

وممَّا اخْتَلَفَ فيهِ العلماءُ "الاسْتِحْسَانُ": فَمَنَعَهُ الأَكْثَرونَ.

وَقَال الشَّافعيُّ: مَنِ اسْتَحْسَنَ فَقَدْ شَرْعَ. وقال بِهِ الحنفيَّةُ وَالحنابلةُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015