. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مثالهُ في مسألةِ المُثَقَّل قولُ الحنفيِّ: اختصاصُ وصفِ الخارجِ بقوَّة السَّرَيَانِ والفور يمنَعُ إِلحَاقَ المثقَّل به. فيقول الشافعيُّ: سَلَّمتُ أنه يمنع إلحاقَهُ به، فلِمَ قُلتَ: إنه يمنعُ من جَرَيَان القصاصِ؟
وقد يردُ بشمولِ لَفظِ المستدل وعمومِهِ لصورةٍ مِن صُوَرِ الوفاقِ، فيحمله المعتَرِضُ على تلك الصورَةِ، ويستَبْقِي النزاعَ؛
مثاله: قولُ الحنفيِّ في وجوبِ زكاةِ الخَيلِ: حَيَوَانٌ يُسَابَقُ عليه؛ فتجبُ فيه الزكَاةُ؛ كالإِبل فيقولُ المعترِضُ: أقُولُ به؛ إذا كانَتِ الخيلُ للتجارةِ. وهذا من أضعفِ أنواعِهِ؛ فإِنَّ حاصله مناقَشَةٌ في اللَّفظ، وتندفعُ بمجرَّد العنايةِ. هذا ما يَرِدُ بخلل في اللفظِ.
أمَّا ما يَرِدُ للسُّكُوتِ عن ذِكرِ المقدِّمة الصُّغرَى؛ وهو عَدَمُ تقريرِ الدَّلِيلِ في مَحَلِّ النزاعِ -فمثالُهُ: قول الشافعي في مسألةِ النِّيَّة في الوضوءِ: ما ثَبَتَ وضعُهُ قربةً فيتعين فيه النِّية كالصلاة؛ ويسكت عن قوله والوضوء ثبت وضعه قربة، وعن تقرير ذَلِكَ، فيقول الحنفِي: نُسَلِّمُ أنَّ ما ثبت وضعُهُ قربة يفتقرُ إلى النيَّة، فَلِمَ قُلتَ: إِن الوضوءَ يفتقِرُ إلى النيَّةِ. وسبَبهُ عَدَمُ التصريح بأن وَضعَ الوضوءِ قُربَةٌ، فلو صَرَّح به، لم يَرِدِ القولُ بالمُوجِبِ، ولكن يَرِدُ عَلَيهِ المَنعُ.
ولا يحسُنُ حذفُ إحدى المقدِّمَتَينِ من الدليلِ إلَّا إذا كانَت مشهورة، وضابِطُ الشُّهرةِ أن تكون ضروريَّة أو متَّفقًا عليها من الخَصمَين، وهذا آخر الأسئلة، وهو العاشر.
قالُوا: وهو انقطاعٌ مِن أحد الجانِبَينِ قَطعًا؛ فإن المعترض قد يسلم مدلولَهُ، فلا تسمعُ منه بَعْدَ ذلك المنازَعَة في شَيء من أركانه؛ فإن تحقَّق أنه حائِدٌ، فقد انقطع المستَدِلُّ؛ لأنه لم يأت بدليل علَى ما ادَّعَاهُ.
لا يقالُ: فجميع الأسئلة لا تَخلُو: إما أن تتحقَّق أَو لا: فإِن لم تتحقَّق، فقد انقطع المُعتَرِضُ في دعواه، وإن تحقَّقَت، فقد انقطَعَ المستَدِلُّ بما قرَّره المعترض من الخلل في دليلِهِ:
لأنَّا نقولُ: للمعترض أن ينزل عما منعه، أو عارض به في مقام، ويحقق الخلل منْ وجهٍ آخَرَ، وللمستَدِل أن يسلِّم ورُودَ المَنعِ، ويستدلُّ عليه، ويسلم ما عارَضَ به في مقدِّمة أو في أصلِ المَسْأَلةِ، ويرجح دليله بما يقتضي الترجيح، وإذا سلَّم أنه حائدٌ، فكيف يمكنه الترجيحُ؟ ! .
وإذا كان الترجيحُ طريقًا يخرج به عن أكثر الأسئلة؛ فيتعين التنبيه بما يَقَعُ به الترجيحُ،