. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

في النقيضِ الآخَرِ، وإلا فيلزمُ عند وجوده مَعَ الجُزءِ الآخَرِ اجتماع النقيضَينِ؛ لوجود عِلَّتهما معًا؛

مثالُة: قولُ الحنفي في مسألة مَسح الرأس على المالِكِيِّ: مَسحٌ في الوضوءِ؛ فلا يجبُ فيه التعميم؛ كَمَسحِ الخُفِّ. فيقول المالكيُّ: مَسحٌ في طهارةِ؛ فلا يَتَقَدَّرُ بالربُع؛ كَمَسحِ الخُفِّ. فقد قَلَبَهُ بعد حذف خصوصِ الوضوءِ والغرض المِثَالُ؛ فإنه يمكن قلبه بجمَيعِ أوصافِهِ، وقد رَدَّ القاضِي القَلبَ المبهم؛ من حيثُ إنه لم يعيِّن فيه الحُكمَ المقصودَ، وليس بشيءٍ؛ لأن المعتَرِضَ ألزَمَ المستَدِلَّ به مناقَضَةً، وإن كانَ مبهمًا. ورَدَّ قَومٌ قَلْبَ التسويةِ من حيث إنَّ التسويَةَ ليسَت حُكمًا شرعيًّا. وليس بشيء؛ لأنها تستلزمُ التَّسوية في حُكمٍ شرعيٍّ.

وقد قال قَومٌ: لا يُسمَعُ أصلًا؛ فإِن القالِبَ إما أن يتعرَّض فيه لنقيضِ الحُكمِ، أو لأمرٍ خارج، فإِن تعرَّض فيه لنقيضِ الحُكمِ لم يجده في الأصلِ؛ فإن الأصلَ الواحدَ لا يجتمعُ فيه النقيضانِ، وإن تعرَّض لأمرٍ خارج، فليس بقَلبٍ، وليس بشَيء؛ فإنَّه وإن عدل إلى أمر خارج إِلا أنه علَى وجهٍ يستلزمُ عَدَمَ القَول بالحكمِ؛ فكان قادحًا.

ومنهم مَن رَدَّهُ، وزعم أنَّ القَلبَ لا بُدَّ فيه من تَعيينِ العلَّة المروج إِلَيها الخَصم، والعلَّة لا بُدَّ وأن تكون مناسبة، ومعلومٌ أن الشَّيءَ الواحدَ لا يناسِبُ النقيضَينِ، وان أراد المعترضُ أن نسبة الوصفِ إلى الحكمِ ونقيضِهِ علَى حدٍّ سواء- كان قَادحًا في صلاحيَةِ الوَصفِ، فيكونُ ذكرُهُ الأصليُّ حَشوًا، وليس من القَلبِ في شيء. وهذا ضعيفٌ أيضًا؛ فإنه لا مانِعَ أن يناسِبَ الوَصف الشيءَ ونقيضَهُ بوجهَينِ، واعتبارين؛ ككون الشيءِ ملذوذًا يناسِبُ إِباحته قضاء لو طلبه المكلَّف، ويناسِبُ مَنعَهُ ابتلاءً، كالصلاة في الدَارِ المغصوبَةِ؛ فإن الكَونَ من حيثُ هو صلاةٌ يناسبُ الطَّلَبَ، ومن حَيثُ كونُهُ غصبًا يناسب المنع، وأكثر ما يقع القَلْبُ عند التعليلِ بالشَّبَهِ؛ كما مُثِّلَ.

ومما يعترض به على القياس القَولُ بالموجبِ؛ وهو تسليمُ ما أشعَرَ به قياسُ المُستَدِل مع استيفاء الخلافِ؛ وهو أن يُرَتِّبَ على الوصفِ أمرًا ما، ليس هو عَينَ الحُكم، ولا مستلزمه، وَيقَعُ في الثبوت والنفيِ:

وتارَةً يَرِدَ للخَلَلِ في إِشعارِ لَفظِ المستَدِل، وتارَة للسُّكوتِ عن تقديرِ المستَلزِمِ في محل النزاعِ، أمَّا ما يرد للخَلَلِ في طُرُقِ الإثباتِ فهو أن يقع النزاعُ في حُكم خاصٍّ؛ كالوجوب مثلًا؛ فيستنتج ما هُوَ أعَمُّ منه؛ كالجَوَازِ؛

مثالُهُ: قولُ الشافعي في القتل بالمُثَقَّلِ: قتل عمد من يكافئه بما هو الغالبُ حَتفُ أنفه فيه، فوجوب القِصَاصِ لا ينافِيهِ؛ كما لو أَجج نارًا في فِيهِ. فيقول الحنفي: مُسلم أنه لا ينافيه، فلِم قُلتَ: إنه نقيضه؛ فقد لا يُنَافِي الشَّيءُ الشَّيءَ ولا نقيضه.

ومثاله في النفي وأكثَرُ ما يَرِدُ؛ إذا صَرَفَ المستَدِلُّ عنايتَهُ لإبطالِ مَأخَذٍ معيَّن للخَصمِ؛ فإِنه لا يلزم من إبطَالِ دليلٍ خاصٍّ إبطالُ المذاهِبِ، ولا صحَّةُ مذهبِ الخَصمِ؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015