. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وَلَيسَ يمتنعُ في الحُكْمِ الشرعيِّ وَأَمَّا زيادةُ المصلحةِ، فَيكفِي فِي إثباتِ الحكم أَصْلُ المصلحةِ. وهذا الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَصحُّ؛ فَإِنَّا إِنَّما نُسَلِّمُ صِحَّةَ التعليل بِعلَّتَينِ عُلِمَ اسْتقلالُ كُلِّ علةٍ منهما، وَأَمكن اجتماعُهُما في مَحَلٍّ؛ بحيث لا يمكنُ ترجيحُ إحداهما على الأخْرَى بسَبْقٍ أو قوةٍ، أما وَصْفَانِ صالحانِ لِلاعتبارِ لم يُعْلَمْ من الشرع اعتبارهما ولا إلْغَاؤُهُما وقد اقترنا بالحُكْم مع مناسبةِ كُلِّ واحدٍ واستقلالِهِ- فلا نسلِّم، وهو في المثَالِ كما لو شَاهَدْنا شَخْصًا أعْطَى قريبًا عالمًا؛ فإنَّ الاحتمالاتِ فيه ثلاثةٌ؛ فإنه يجوزُ أنه إنَّما أعطاه لِعِلْمِهِ فَقَط، أو لقرابته فقطْ، أو للمجموع، ولعلَّه الأَظهر؛ إذ لا يلزم من الاستقلالِ بالمناسبة- الاستقلالُ في الاعتبارِ، وإذا احتمل فتعيينُ أنَّ الحكم إنما ثَبَتَ لهذا دُونَ هذا - ترجيحٌ بلا مرجِّح. وكذلك إِذا اختص الأصْلُ بزيادةِ مصلحةٍ، جاز أن يَكُونَ الشارع أثْبَتَ الحكْمَ لأجل المصلحةِ، أولها بِقَيدِ الأكملية؛ فتخصِيصُهُ أنَّه إنما أثبته لأصْلِ المصلحةِ تَحَكُّمٌ، أو لَعَلَّ الظاهِرَ اعتبارُ المجموعِ، وهَلْ يَجِبُ على المعتَرِضِ بيانُ انتفاءِ ما فَرَقَ به في الفَرْعِ أَوْ لَا؟ فيه أقوال.
الثالث: يُفْرَقُ فيه بين أن يَدْخُلَ فيه باسْمِ المعارضَةِ؛ فلا يلزمه، أو بلَفْظِ الفَرْقِ؛ فيلزمه لتحقيقِ مُسَمَّى الفَرْقِ.
قال البَزْدَويُّ: ويكْفِيهِ بَعْدَ بيان تحقيقِهِ في الأصْلِ منْعُ وجودِهِ في الفَرْعِ، والجوابُ عنه بعد تسليمِ أَنَّه رَاجِعٌ في الأَصلِ إلى أمْرٍ وجوديٍّ، وتسليم مناسَبَتِهِ وظهورِهِ وانضباطِهِ بالإِلغاءِ بإيماءِ النَصِّ إلى استقلال ما ادَّعَاهُ علَّةً أو ببيانِ استقلالِهِ بالحُكْمِ في صُوَرَةٍ مع تخلُّف ما عُورض به.
وطريقُ المعتَرِضِ في الاعتراضِ عليه بَيَانُ اختصاص الأصلِ الثانِي بفارقٍ آخَرَ، ويسمَّى "تَعْدَاد الوَضْعِ"، وجوابُ المستَدِلِّ: إلغاء الثاني إلا أنْ يبيِّن استقلال ما ادَّعَاهُ، ولا يكونُ ذلك انتقالًا من أصلٍ إلى أصلٍ؛ إذِ الغَرَضُ بذلك إبْطَالُ ما يُخَيَّل أن له تعلقًا بالحكم.
ومِنَ الجوابِ عنه أيضًا: أن يُحَقِّقَ ما فَرَقَ به المعتَرِضُ في الفرع؛ فيلزَمُهُ القوْلُ بالحُكْمِ.
وممَّا يُعْتَرَض به على القياس المعارَضَةُ في الفرع، والصحيحُ قَبُولُهَا، ومَنْ رَدَّها بأنَّها غَصْبٌ لِمَنْصِبِ الاستدلالِ، فلَيسَ بشيءٍ؛ فإِنها قادحة في حَقِّ النَّاظِر إجماعًا؛ والأصل: أن كل ما كان قادحًا في حقِّ الناظر فهو قادِحٌ في حَقِّ المُنَاظِرِ، إلا ما استثنى لأجْل ضَبْطِ الكلامِ والمعَارَضَةِ، وإِنْ كانت صورَةُ دليلٍ على النقيضِ إلَّا أنَّ المعتَرضَ لا يَنفي بها اسَتدْلالًا، وإنما ينفي بها اتفاقَ دليلِ المُسْتَدِلُ؛ ولذلك يكتفي بالمساوَاة، ولا يكلَّف ببيان أن قياسَهُ أرجَحُ.
ثم المُعَارِضُ لا يَخلُو إِما أن يستَعْمِلَ أوصَافَ المُسْتَدِل أو بَعْضَهَا أو يستعملَ غَيرَهَا، والأخيرُ هو المشهورُ باسْمِ "المُعارَضَةِ"، والأول بـ"القَلْبِ"، وهما في العدد الثامن والتاسِع، قال