. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والشرطُ في صحة إِضافة الحُكْمِ إلى المانِعِ والصارفِ- وجودُ جهة الداعِي، لا اعتبارُها فيه؛ فعنْدَ الاجتماعِ إنما يثبت حُكمٌ واحدٌ منهما: [من البسيط]
لَوْلَا المَشَقَّةُ سَادَ النَّاسُ كُلُّهُمُ ... أَلجُودُ يُفْقِرُ وَالإِقْدَامُ قَتَّالُ
وإلَى مثله أشار بقوله - عليه السلام -: "لَوْلَا أنَّ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ".
قَولُهُ: "وَلَو سلَّمنا أَن التعلِيلَ به يتوقَّف على وجودِ المقتَضِي، لكان لا حاجَةَ إلَى ذِكْرِ دليلٍ منفصلٍ علَى وجودِ المقتَضِي بل يكفي أن يقال: إن لم يكن المقتضى موجودًا في الفَرْع- وَجَبَ أنْ يكونَ الحُكمُ ثابتًا فيه، وهو المطلوبُ. وإن كان المقتضِي للحُكْمِ ثابتًا في الفَرْعِ، فهو إنما يثبت؛ تحصيلًا للمصلحة المرتَّبة عليه، وهذ المعنَى قائمٌ في الأصْلِ؛ فلَزِمَ (من) ثبوته في الأَصْلِ [ثبوته في الفرع]، وإذا ثبت ذلك، فقَدْ صَحَّ جوازُ التعليلِ بالمانِعِ":
وإنما قال: يَكْفِي أن يقال -ما ذَكَرَهُ من هذه الطريقةِ الجدليَّة-: للمستدلِّ أن يبيِّن ثبوتَ المقتَضِي في الأصْل بطريقٍ تفصيليِّ، وأما ما ذكَرَهُ في الطريقِ الجُمَلِيِّ، وهو أن الخَصْمَ قائلٌ بالثبوتِ في الفرعِ، ولا بُدَّ له من علَّةٍ، والأصلُ مساوٍ لَهُ؛ فيَلْزَمُ اشتراكهما في المقتضِي، ويصير الأصل فرعًا بالنسبة إلى وجود المقتضى، وإن سَلَّمَ الخَصْمُ أن المقتضِيَ للثبوتِ لم يثبُتْ في الفرع -لَزِمَهُ نفْيُ الحُكْمِ، وهو المطلوبُ- فإن قيل: فلعلَّه يثبته بنصٍّ عنده، قيلَ: الثبوتُ بالنصِّ يستلزمُ اشتمالهُ علَى علَّةِ.
بناءً على الأعمِّ الأغلبِ، وهو أن كُلَّ حُكْمٍ لا يخلو عن علَّةٍ، ومما يعترض به على القياسِ المعارَضَةُ في الأصْلِ، وهو في العددِ سابع، وهي دعوى الاشتراكِ في دلالة الاعتبارِ، ويسمُّونه بـ"المُزَاحَمَةِ في الأصل" وبـ"الفَرْق" أيضًا، وهو على قسْمَينِ:
أحدهما: المعارضَةُ في أصْلِ الاعتبارِ بما يَصْلُحُ علةً مستَقِلَّةً، سواء أمكن الجَمْعُ بينهما في التعليلِ أو لم يُمْكِنْ.
الثاني: المُعَارَضَةُ في الاستقلالِ بإبداءِ وصْفٍ يُشْعِرُ بزيادةِ مصلحةٍ أو أَنْقَصِيَّتها.
ومن الجدليِّين من يَخُصُّ اسْمَ "الفَرْقِ" بهذا الثانِي.
وقد اختلف في قَدْحِهِ: فزعم أَبو إسْحَاقَ أنه لا يقدح؛ فإن حاصله تعليلُ الحُكْمِ بعلَّتَينِ،