. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ويقول في بيع الغائِبِ: "بَيعٌ اشتَمَلَ على غَرَرٍ من غير حاجةٍ"؛ ليحترز من أساسِ الجُدْرَان، وبُطُون الحيوان، وما بقاؤه في قِشْرِهِ من مصلَحَتِهِ، ويأخذ في صحَّة نكاحِ الحُرِّ للأَمَةِ: عَدَم الطَّوْل، وفَقْد الحُرَّة تحته، وفي صحة التيمُّم العَجْز عن استعمالِ الماءِ مما يعده المخصِّصة شروطًا.

ومن يَرَى جَوَازَ تخصيص العلَّةِ، ويمنَعُ التعليلَ بالعدمِ يقولُ: العِلَّةُ الشرعيَّةُ، وإِنْ كانَتْ معرِّفةَ، فإن العَدَمَ لا يمتنعُ أن ينصب معرِّفًا إلَّا أن الواقع في الشَّرْع أنه لا ينصب علَّةً إلا ما كان مُنَاسِبًا أو مظنة لمعنى مناسب، والمناسِبُ ما تَحْصُلُ باعتبارِهِ مصلحةٌ، والمصلحةُ المنفعة، وهي شيءٌ، والعدَمُ لا شيء، ولم تَجْرِ العادةُ بِالانتفاعِ من لا شيء.

وأورد علَيهِم: ما المانِعُ أَنْ يُعْتَبَرَ؛ لأَنَّه مَظِنَّةُ معنى مناسبٍ تعذَّر اعتبارُهُ بنفسه، فَأُقِيمَ العَدَمُ مُقَامَهُ في حَقِّ الاعتبار.

وَأُجِيبَ عنه بأنه إنَّما يترجَّح نَصْبُ عَدَمِهِ عَلَى وجودِهِ؛ إِذا لم يجامِعْ وجودُهُ وجودَهُ، وذلك إنما يكون عند المناقضة، وشرْط المناقضةِ اتحادُ المَحَل، وإذا كان الوصْفُ المناسبُ إنما يحتاجُ إِلى مَظِنَّةٍ، إذا كان خفيًّا أعْنِي من أفعال القُلُوبِ، ونقيضُهُ يكونُ في محلِّه، فيكونُ العَدَمُ أيضًا خفيًّا، والخفيُّ لا يُعَرِّف الخَفِيَّ، وإذا فرضَ احتياجه للمظنَّةِ، لِعَدَمِ انضباطه من قلَّة أو كثْرَةٍ، فمقابله أيضًا غَيرُ منضبطٍ.

وأجِيبَ عن ذلك بأنَّا لا نعتبرُ في الضابِطِ إلا ما يُظَنُّ وجودُ ذلك المناسِبِ عنده غالبًا، ولا يمنع لُزُومُ أمْرٍ خَفِيٍّ لأمر ظاهر؛ كما تعرف أحوال القلوب من خجلٍ أو وَجَلٍ أوَ خَوْفٍ أو غَضَبٍ بعلامات تظهر بالوجه.

ومنهم من احتج على منع التعليل بالإجماعِ، وقَرَّره بأنَّه لم ينقلْ ذِكْرُهُ في السَّبْر. وهو ضعيفٌ؛ فإنَّ مَسْلِكَ السَّبْر مُخْتَلَفٌ في صِحَّة التمسك به، ولو سُلمَ فنقولَ مِثْلُ هذه التفاصيلِ لَيسَ مما تتوفَّر الدواعِي علَى نَقْلِها؛ ليستدل بعدم الوقوفِ علَيهِ علَى عدمه.

ومنهم مَنِ احتجَّ بأن العدم المضافَ إِمَّا أنْ ينتسب إلى مكتسب أوْ لا: فإن انتسَبَ إِلَى مكتسب، فهو إعدامٌ لا عَدَمٌ، ويصحُّ التعليلُ به، وإن لم ينتسب، فلا ارتباطَ لَهُ بِفِعْلِ المكلَّف، وإذا لم يرتبط بفعله، فكيف يشرع الحُكْمُ لاقتناص حكمةٍ تحصلُ، باعتبارِهِ. وهذا ضعيفٌ؛ فإِنه إِذا سُلِّمَ اشتمالُهُ على حكمةٍ، وإِن لم تكنْ مِنْ كَسْب المُكَلَّف، فلا مانع من ربطِ فِعْلِهِ به؛ لتَوقُع الحِكْمَة منه بمجرى خلق الله -تعالى- ذلك عِنْدَهُ؛ كما يفعلُ الأكل والشرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015