. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

في هذ العِلِّيَّةِ، والوصفُ هو الفَرْعُ، ومتَى كَان التعليلُ بالأَصْلِ ممكنًا، كان التعليلُ بالفَرْعِ تَطويلًا من غير فائدةٍ، فوجَبَ ألا يجوز":

وما ذكره واضحٌ؛ فإن الأصل أَنْ تناط الأحْكَامُ بِالْحِكَمِ، وهي نفس المصالحِ والمفاسِدِ، إلا أنه يعسر تتبعها، ولعَدَمِ انضباطِهَا عَدَلَ الشارعُ عنها إلى ضوابِطَ تحصُلُ عندها غالبًا؛ دفعًا للعُسْرِ والخبط عن الأحكامِ، نعم إنْ تحقَّق وجود تلْكَ الحِكمَةِ في بعض الصُّوَرِ قطعًا بدُون الضَّابط، أو وُجِدَ الضابطُ في صورةٍ بدُونِ الحِكْمةِ قَطعًا- فهل الالتفات: إلى الحِكْمَةِ أو الضَّابط؟ فيه خلافٌ تقدَّم، ومَيلُ الشريفِ وغيره إِلَى أَنَّ النَّظَرَ إلى الحكمة أَوْلَى.

ومَيلُ الغَزَّاليِّ إلى أنَّ النَّظَر إلى المَظِنَّة أَوْلَى.

قوله: "المسألة السادسة: "التعليلُ إما أنْ يكُونَ تعليلًا للوجود بالوُجُودِ، أوْ لِلْعَدَمِ بالعدم، وهما جائِزَانِ":

اعْلَمْ أنَّ الغرض من هذه المسألةِ منع تعليلِ الأمُورِ الثبوتيَّةِ بالعدمِ، وهو يرجعُ إِلَى سؤالِ القَدْحِ في الصلاحيةِ، وَهُوَ سَابِعُهَا وتعليلُ العدمِ بالعدم صحيحٌ عند الحكماءِ؛ فإِنهم يقولُونَ: عدم العلَّةِ عِلَّةٌ لعَدَمِ المعلولِ.

وأمَّا المتكلِّمون فيمنعونَ كوْنَ العَدَمٍ أثرًا أو مؤثِّرًا في العقليَّاتِ، ويسلِّمون أنَّ عَدَمَ العلَّة يستلزمُ عدم المَعْلُولِ عقلًا وشَرْعًا، إن اتحدَت، وأنَّ عَدَمَ الشَّرْطِ يدُلُّ على عدم المشروطِ؛ وفَرْقٌ بين ما يدرك وبين ما يُؤَثِّر ويقتضِي.

قوله: "وإِما أن يكون تعليلًا للوجود بالعدمِ ... وذلك لا يجوز؛ لأن قولنا: "هذا علَّةٌ" نقيضُ: "لَيسَ بِعِلَّةٍ"، وقولنا: "لَيسَ بعلَّةٍ" عَدَمِيٌّ وَرَافِعُ العَدَمِ ثبوتٌ، وكونُهُ عِلَّةً صفَة ثابتة فلو جعلْنَاها للعدَم لَزِمَ قيامُ الصِّفَةِ الوجوديَّةِ بالعدم المَحْضِ، وهو مُحَالٌ".

اعْلَمْ أنَّ النُّظَّار اخْتَلَفُوا في تعليل الأَحْكَام الشرعيَّة بالأمورِ العدميَّة، مع قولِهِمْ بصحَّة التعليلِ بالأمورِ الإضافيَّةِ؛ لكون المحلِّ مُسْتَقْذرًا أو مشتهى، أو كَوْنِ الشيءِ حرامًا أو حلالًا مع قولهم: "إِنَّ الإضافاتِ لَيسَتْ من الأعراضِ" خلافًا للحكماءِ، والعَدَمُ ينقسمُ إِلَى عَدَمٍ مُطْلَقٍ ومُضَافٍ، والأوَّلُ لا يصحُّ التعليلُ به اتفاقًا؛ لعدم اختصاصه، والثاني محلُّ النزاعِ، ومَنْ مَنَعَ تخصيصَ العلَّةِ، فلا يمتنع مِنَ التعْلِيلِ به، ويقولُ سَرَقَ نصابًا كاملًا مِنْ حِرْز مِثلِه لا شُبْهة له فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015