. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الشرْعُ دلك بما تُوجَدُ عنده المَشقَّةُ غالبًا، وهو السَّفَرُ المقيَّد بمرحلتَينِ أو يومَين أو بأربعةِ بُرُدٍ أو ثمانيةٍ وأربعِينَ مِيلًا؛ وذلك إعانَةٌ للمكلَّف على حصولِ غَرَضِهِ المُبَاحِ؛ فإذا قيلَ: ينتقضُ بالمشقَّة الحاصلَةِ في الحَضَرِ بمعاناةِ الصَّنَائِع الشاقَّة- لم يَقدَحْ؛ فإن الشارع مَا اعْتَبَرَ ذلك إلا بِضَابِطٍ مُعَيَّنٍ لم يوجد في صورةِ النقْضِ.
القسْمُ الثاني: النَّقْضُ ببيانِ تخلُّف الحُكم عَنْ بَعْضِ أَجْزَاءِ العلَّةِ، وظاهرٌ أنه لا يَقْدَحُ؛ فإنَّ مِنْ ضرورةِ كَوْنِ الوصْفِ جزءًا توقُّفَ الحُكْمِ على حصول الجُزْءِ الثَّاني، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يُبَيِّن المعتَرِضُ أن الجزء الثاني لا أثَرَ لَهُ، فالعلَّةُ -والحالةُ هذه- هي الوضفُ الباقِي، وقد تأخَّر الحُكْمُ عنه؛ فيكونُ قادحًا.
مثالُهُ: قولُ الشافعيِّ في مسألة مَسْحِ الرأس: مسح في الوضوء، فلا يُشْتَرَطُ فيه الاستيعابُ، كَمَسْحِ الخُفَّينِ. فيقولُ المالِكِيُّ: قولُكَ: "في الوضُوءِ" لا أَثَرَ له، والباقي ينتقضُ بمَسْحِ الوجه في التيمم.
السادسُ: التعليلُ: إذا كان لإثباتِ الحُكْمِ على الجُمْلَةِ لا ينتَقضُ ببيانِ التخلُّف في آحاد الصُّوَرِ؛ فإنه لا يناقضُهُ.
مثالُهُ: قولُ الحَنَفِيِّ في الرشيدة تَلي عَقْدَ النِّكَاحِ: تصرَّفت في مَحْضِ حَقِّها؛ فوجب أنْ يصحَّ كالمالِ. فيقول الشافعيُّ: ينتقض بالمعتدَّة. فهذا لا يَقْدَحُ؛ فإن الخَصْمَ لا يدعي الاعتبارَ إلا بعد وجودِ الشرائط المُتَّفَقَ عليها، ما عدا ما وقع فيه النِّزَاعُ، وما عدا ذَلِك تركه للعلم به.
قوله: "المَسألَةُ الخامِسَةُ: التعليل بالمصلحةِ والمفسدةِ لا يجوز خلافًا لقوم":
المبحثُ في هذه المسألة يرجعُ إِلَى سؤالِ القَدْحِ في صلاحِيَةِ المذكورِ للتَّعْلِيلِ، وليس بسُؤَالٍ مستقلٍّ على القياسِ، وإنَّما يرجِعُ إلى الاعتراضِ على بعْض مسالِكِ التعْلِيل، وهو التخريجُ خاصَّة، وهو إذا عُدَّ يكونُ سادسًا.
قوله: "لنا: [أنه] لو صَحَّ التعليلُ بالمصلحة، لامْتَنَعَ التعليلُ بالوَصْفِ المشتَمِل على المَصْلحة، وبالإجماعِ هذا جائزٌ؛ فذلكَ باطلٌ":
بيانُ الملازمة: أن التعْليل بالوصف إنما جاز لاشتماله على الحكمةِ، والحِكْمَةُ هي الأَصْلِ