والمراد بالعلم: ما يشمل التصور والتصديق يقينياً أو ظنياً، لكن هذا البيان للتعريف يخصِّص التعريف بالدلالة اللفظية الوضعية، فينافيه ما سيأتي من تقسيمها إلى اللفظية وغيرها، ولا يقال إن المعرَّف هاهنا خصوصُ الدلالة اللفظية والمنقسم هناك مطلق الدلالة؛ لأنا نقول: تفسير الشارح للدلالة -الدلالة اللفظية الوضعية- بعد التقسيم يأبى ذلك.
يعني: إذا قلنا (كون الشيء) بعضُهم حمَل الشيء على الشيء اللفظي.
وعليه تكون الدلالة هنا -تعريف الدلالة-: مطلق الدلالة أو الدلالة اللفظية؟ الدلالة اللفظية.
إذا خصَّصنا العلم وخصصنا الشيء بكونه متعلقاً باللفظ، فحينئذٍ التعريف هنا للدلالة الوضعية وسيُعرِّفها المصنف فيما يأتي فيكون تَكراراً، لكن المراد أن يعرِّف المصنف الدلالة من حيث هي، ولذلك قدَّمنا الأصح: أن الشيء يُحمَل على ماذا؟ لفظاً كان أو غيرَه، فلا نخصِّصه باللفظ ليكون التعريف عاماً، ثم بعد ذلك يقسِّم أنواع الدلالة، ثم يأتي ويعرِّف الدلالة اللفظية الوضعية.
قال هنا: فالأولى أن تفسير الحالة بما يعم الوضعَ وغيرَه، كالعلاقة الذاتية بين الدال والمدلول في الدلالة العقلية، أو الوضع كما في اللفظية، أو اقتضاء الطبع كما في الطبيعية، فيكون التعريف لمطلق الدلالة.
يعني: لا نخص الحالة بكونها وضعُ لفظٍ بإزاء معنى، بل نعمم من أجل إدخال العقلية والطبيعية، والشيء كذلك لا نخصُّه باللفظ من أجل أن نعمِّم الدال إذا كان عقلياً أو طبَعِياً.
قال: (بحالةٍ يلزم من العلم به العلم بشيءٍ آخر) والأول ما هو؟ الملزوم .. (كون الشيء بحالةٍ يلزم من العلم به) هذا الملزوم.
(العلم بشيءٍ آخر) هذا اللازم.
يلزم من العلم بالأربعة: العلم بالزوجية.
فالأول -الذي هو الملزوم-: الدالُّ، فالأربعة دال، والثاني: المدلول.
فسَّر ذلك وأكَّد قال: فالدال هو الذي (يلزم من العلم به العلمُ بشيءٍ آخر) يلزم من العلم بالأربعة العلم بشيءٍ آخر وهو لازِمُه وهو الزوجية.
والمدلول العكس، والمدلول هو الذي يلزم من العلم بشيءٍ آخر كالأربعة العلم به كالزوجية.
يلزم من العلم بشيءٍ العلمُ بشيءٍ آخر، الأول الدال والثاني المدلول، كما قال بعضهم: فهمُ أمرٍ من أمرٍ.
قال: وقد بيَّنتُها في شرح آداب البحث، وفي نسخة: بيّنتُهما بضمير التثنية وهي أظهر، هكذا قال العطَّار.
أي: الدال والمدلول، والنسخة التي معنا هنا: بيّنتُها أي: الدلالة.
أو هي مع الدليل والمدلول وفيه إشكال؛ لأنه لم يتعرض للدلالة في ذلك الشرح.
على كلٍ بيّنتُها أو بيّنتُهما الأمر واسع، وأنت تنظر في المسألة من حيث هي.
قال: (والدلالة تنقسم إلى: فعلية كدلالة الخط والإشارة، وعقلية) أراد أن يقسِّم لك الدلالة إلى ثلاثة أنواع: إما دلالة وضعية غير لفظية، ولذا قال: فعلية، هذه التسمية غير مشهورة عند المناطقة ولا غيرهم، ولذلك أُنكر عليهم في هذا.
(والدلالة تنقسم إلى: فعلية) أي: وضعية، المراد بها الوضع.
سؤال: هل يلزم من الوضعية أن تكون لفظية؟ لا يلزم، قد تكون كتابة، قد تكون بالوضع كالإشارة.
قلنا هذا تواضعَ عليها الناس، حينئذٍ هي وضعية وليس كل وضعية لفظية.
إذاً: دلالة الوضع قد تكون باللفظ وقد تكون بغير اللفظ.