إذاً قوله: (والدلالة تنقسم إلى: فعلية) أي: وضعية، هل المراد بها الوضعية اللفظية أو غيرَها؟ يحتمل، لكن ننظر إلى المثال.

ماذا قال؟ قال: (كدلالة الخط والإشارة) وضعية دلالة الخط؟ نعم وضعية. يعني: الزاي كيف نكتبه؟ تواضعَ الناس ما تكتب على كيفك الزاي تقول: أنا أكتب الزاي على هذا الشكل، وإنما تواضعَ الناس (زَ) يُكتب كما هو معلوم.

فتواضعَ الناس على أن مسمى الزاي يُكتب على الهيئة المعروفة، وحينئذٍ نقول: هذا يسمى وضعاً، هل هو لفظ؟ لا. ليس بلفظ .. إذا كتبته يعني.

والإشارة كذلك: قم، اجلس .. إلى آخره.

نقول: هذه وضعيةٌ تواضعَ الناس عليها وليست بلفظٍ.

(كدلالة الخط) أي: النقوش ومدلول تلك النقوش الألفاظ، ومدلول الألفاظ المعاني. فهذه الثلاثة الأمور مرتبةٌ بعضُها ببعض.

النقوش تدل على الألفاظ يعني: الكتابة التي تراها أمامك الآن هذه تسمى نقوش، هل هي ألفاظ؟ ما هو اللفظ؟ هل هذا له صوت الكتاب؟

كيف تقول ألفاظ؟

نقوش تدل على الألفاظ، والألفاظ تدل على المعاني .. مرتَّبة هكذا، لذلك قال العطّار: (كدلالة الخط) أي: النقوش، ومدلول تلك النقوش الألفاظ.

فليس هو اللفظ، أنت لا ترى اللفظ الآن ترى نقوشاً، ومدلول الألفاظ المعاني، فهذه الثلاثة أمور مرتبةٌ بعضُها ببعضٍ.

(والإشارة) كذلك على ما ذكرنا.

هذا النوع الأول فعلية لكنها غير لفظية بدليل المثال.

قال المحشُّون: لم نرَ تسمية غير اللفظية فعلية لغير الشارح .. ما رأيناه إلا هنا.

قال: وهو مُطَّلِعٌ. هكذا دائماً يأتي الجواب، ما يُخطِّئُون أحداً البتة.

وهو مُطَّلِعٌ يعني: لعله اطَّلع على شيءٍ فأثبته، لكن يرد السؤال كذلك: لو اطَّلع هل الأحسن والأفضل والأكمل أن يوافِق ما اشتهر من المصطلح أم يخالِف؟ لا شك أن الموافقَة مقدمة، فالاعتراض في محله سواء اطّلع أو لا، ولذلك هذا الكتاب يُعتبر للمبتدئين وإنما يأتي به على وِزان ما اشتهر عند المناطقة، هذا هو الأصل.

قال: (وعقلية) المراد بها: ما ليس للوضع وللطبع مدخلٌ فيها.

يعني: دل العقل عليها، وإلا لزم كون الدلالات كلها عقلية؛ إذْ للعقل مدخلٌ في جميعها.

يعني: العقل يفهم حتى من دلالة المطابقة، إذا أُطلق اللفظ فُهِم منه المعنى على كماله.

العقل له مدخل أو لا؟ قطعاً له مدخل، لكن ما تسمى عقلية؛ لأن العقل هنا ليس له مدخلية في الوضع، كذلك دلالة الكل على البعض التضمنية، العقل له مدخل ومع ذلك لا تسمى عقلية، ولذلك قال هنا: المراد بها ما ليس للوضع وللطبع مدخلٌ فيها، وإلا لزم كون الدلالات كلها عقلية؛ إذ للعقل مدخلٌ في جميعها.

قال: (كدلالة اللفظ على لافِظِه) دلالة اللفظ على لافظه عقلية؟ المثال صحيح أو ليس بصحيح؟ دلالة اللفظ على لافظه عقلية؟

أنت الآن تراني أتكلم، عقلية أو حسيَّة هذه؟ الآن أنت تحكم أني أتكلم بالعقل أو بما تشاهده بالحس؟ بالحس، طيب! كيف نقول عقلية؟

إذاً: لا بد أن يقيَّد المثال، يقولون: (كدلالة اللفظ على لافظه من وراء جدار) يعني: لا تراه، لو سمعتَ أحداً يتكلم الآن من وراء جدار، تقول: هذا دل على شخص وهو حيٌ يتكلم يُرزَق، ولا زال إلى هذه الساعة بدليل اللفظ، ما الذي دلَّك؟ اللفظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015