(كقولنا: كل حيوانٍ يحرِّك فكَّه الأسفل عند المضغ؛ استقراءً) يعني: استدلالاً بالاستقراء (بما شاهدنا.
ويجُوز في بعض الأفراد ما يخالف ذلك) أي: تحريك الأسفل بأن يحرِّك الأعلى.
قال: (ويجوز في بعض الأفراد) يعني: الحيوان.
(ما يخالِف ذلك) أي: تحريك الأسفل بأن يحرِّك الأعلى (كالتمساح؛ لما قيل: إنه يحرِّك فكَّه الأعلى).
قال: (والتمثيل) هذا الثاني، مما لا يدل على اليقين، عندهم أنه ظني.
قال: (والتمثيل) أي: قياس التمثيل.
(وهو) عَطْفٌ على الاستقراء الناقص، فهو من غير اليقينيات.
(وهو -أي: التمثيل- إثبات حُكمٍ واحدٍ في جزئيٍ؛ لِثُبُوتِه) يعني: ذلك الحُكم (في جزئيٍ آخر، لمعنًى مشتركٍ بينهما) أي: الجزئين، فهو عِلَّة للإثبات.
(والفقهاء يسمَّونه قياساً) يعني: القياس التمثيلي: حملُ معلومٍ على معلومٍ لعلةٍ جامعة بينهما في الحُكم. إلحاقُ فرعٍ بأصل؛ لعلة جامعة في الحكم.
قال السعد: فسَّروا التمثيل بإثبات الحكم في جزئي؛ لثبوته في جزئيٍ آخر، لمعنًى مشترك بينهما وفيه تسامح، مثلُ ما مر في تفسير الاستقراء.
والأصوَب أنه تشبيه جزئيٍ بجزئيٍ في معنًى مشترَك بينهما؛ ليثبُت في المشبَّه الحُكم الثابت في المشبَّه به المعلَّل بذلك المعنى.
إذاً: هو تشبيهٌ وليس فيه حُكمٌ.
قال رحمه الله تعالى: (وَالْعُمْدَةُ) (أي: ما يُعتَمَد عليه من هذه القياسات) (هُوَ الْبُرْهَانُ) يعني: كلُّ ما مر من أول باب القياس، ولذلك قلنا: القياس وما يتعلَّق به تَقْدُمَة للبرهان، وهو العُمدة عنده.
(وَالْعُمْدَةُ) (أي: ما يُعتمد عليه من هذه القياسات) (هُوَ الْبُرْهَانُ).
(من هذه القياسات أي: البرهان والجدل والخَطابة والشعر والمغالطة).
(لتركُّبِه من المقدمات اليقينية، ولكونه كافياً في اكتساب العلوم التصدِيقية أي: المنسوبة للتصديق نسبة الجزئيات لكلِّيها).
قال: (والله سبحانه وتعالى أعلم).
وبهذا نكون قد انتهينا من التعليق على هذا الكتاب، وإن كان تعليقاً ليس مَرْضِياً، لكن نحاول إن شاء الله أن نُتَمِّمَه، وجزاكم الله خير، وجزى الله القائمين على هذه الدورة ومن سعى في ذلك خير الجزاء.
ولا تنسوا إخوانكم بالدعاء لهم في ظهر الغيب ... !!!