بمعنى أنه يقال بأن الباء هنا أصلية ومعناها للاستعانة فهي جزئيٌ، وكذلك لفظ الجلالة جزئيٌ، والرحمن عام والمعنى الكلي، وإذا قلنا بأنه عَلمٌ صار جزئياً .. إلى آخر ما يُذكر في الألفاظ المنطقية، تُطبق على هذه المفردات.

حينئذٍ هل ثَم مناسبة بين مفردات البسملة مع القواعد المنطقية؟

نقول: هم حاولوا أن يذكروا شيئاً من تلك القواعد على هذه البسملة، الظاهر أنه ليس بينهما مناسبة البتة.

فحينئذٍ كل خوضٍ يتعلق بالقواعد المنطقية تطبيقاً على البسملة فليس بظاهر البيان.

وبيانه: أن معنى التكلم على شيءٍ بعلمٍ من العلوم هو إجراء ذلك الشيء على قواعد ذلك العلم، وتطبيق قواعده عليه، وإنما يتم إذا كان المتكَلَّم عليه داخلاً تحت موضوع العلم المتكلَّم به.

وموضوع فن المنْطِق -كما سيأتي-: المعلومات التصورية والمعلومات التصديقية من حيث صحة الإيصال إلى مجهولٍ تصوري ومجهولٍ تصديقي، وهذا لو نظرنا فيه كما سيأتي حينئذٍ لا يتأتى الخوض في البسملة على هذا الوجه، فلا تدخل البسملة تحت موضوع المنْطِق؛ لأن علم المنْطِق مبناه على الإيصال، بل صحة الإيصال، ليس كل إيصال وإنما هو صحة الإيصال.

أن يصل بالمعلومات التصورية والتصديقية إلى مجهولات تصورية وتصديقية، أين هو من حيث البسملة؟ لا وجود له.

والبسملة أجزاؤها والنظر فيها إما أن يكون جزئياً يعني: ليس من المعاني الكُلّيّة ولا بحث للمنطقي في الجزئيات.

المنْطِقي الذي ينظر في الكُلِّيّات كما سيأتي إنما بحثه في الكُلِّيّات فحسب، وأما الجزئيات فلا يَنظر فيها إلا على جهة الاستطراد، بمعنى أنها تخدِم النظر في الكُلِّيّات.

إذاً: انتهينا من هذا الجانب.

فكل ما يتعلق بالبسملة من جهة الجزئيات فليس من بحث المنْطِقي، بقي الكُلِّيّات فحينئذٍ نقول: الكُلِّيّات هذه لها نظران: إما كُلِّيّات مطلقة لا بالنظر إلى صحة الإيصال إلى مجاهيل تصورية وتصديقية، أو بهذا القيد.

فحينئذٍ نقول: البسملة وما وُجد فيها من بعض الكلمات التي يقال بأنها كُلِّيّات نقول: ليست بهذا المعنى، بمعنى أنها لا تُستخدم هذه الكُلِّيّات للوصول إلى مجهولات تصورية أو تصديقية، حينئذٍ لا يمكن دخول البسملة تحت موضوع علم المنْطِق.

قال هنا: (وموضوع علم المنْطِق هو المعلومات التصورية والتصديقية من حيث إنها توصل إلى مجهولٍ تصوري أو تصديقي، فلا بحث للمنطقي عن المعاني الجزئية إلا استطراداً، ولا عن المعاني الكُلّيّة مطلقاً، بل من حيث الإيصال).

يعني: لفظٌ أو معلومٌ تصوري ومعلومٌ تصديقي، بالنظر فيه على ترتيبٍ معيّن، يصل به الناظر إلى مجهولٍ تصوري أو مجهولٍ تصديقي.

فحينئذٍ النظر في البسملة لا يكون إلا على هذا الوجه، ولا يتأتى فيه، لا يمكن إجراء القواعد المنطقية على البسملة، وبعضهم يرى أنها إذا كانت آية حينئذٍ يُمنَع للخلاف -إن صح الخلاف- في فن المنْطِق، حينئذٍ لو صح تطبيق بعض القواعد المنطقية على البسملة فالبسملة آية من القرآن، وحينئذٍ لا يصح إجراء القواعد المنطقية على الآيات القرآنية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015