وإلا لو أردنا أنه على جهة الاستقلال، لو شرحنا متن إيساغوجي فقط، والماتن ليس له خبرة في الشرعيات لا إشكال فيه، لكن توجيه العطَّار كثير أنا أُثني على حواشيه ودائماً أنصح الطلاب بالنظر فيها وخاصةً في المنْطِق، لكن عنده شيءٌ من الجمود، وعنده أمر ثاني: أنه يقدِّس المناطقة الأصول: ابن سينا، والفارابي .. إلى آخره.

فيحمِل على من يسعى في تعديل وتطوير بعض المصطلحات المنطقية بأنهم خالفوا الأصول.

يعني: من أنت تخالف ابن سينا مثلاً إذا أراد أن يخصِّص، فكثيراً ما يتحامل على الشُرّاح وعلى المحشِّين بأنه جهلٌ، وما تأملوا، وما فكّروا.!! إلى آخره؛ بناءً على أنهم قد خالفوا ما اشتهر، حتى أنهم يسلكون مسلك متقدمين ومتأخرين، المنْطِق موجود المتقدم والمتأخر.

فإذا جاء المتأخر وخالف المتقدم، هناك من المتأخرين من يشن حملة على بعض المتأخرين لمخالفة المتقدمين كما هو الشأن في المصطلح الآن. هذا موجود والعطَّار منهم، يشن حملة كبيرة على من يخالف المتقدمين، حتى يُخَطئ التفتازاني أحياناً يقول: لا. هذا خالف المتقدمين، وهذا فيه شيءٌ من النظر.

قال هنا: (أَوْرَدْنَا فِيهَا) يعني: في هذه الرسالة.

(مَا يَجِبُ) وجوباً اصطلاحياً، عرفنا المراد بالاصطلاح هنا، بحيث يُحكم بإصابة من قام به وخطأ من لم يقم به، وفاعل (يَجِبُ): (اسْتِحْضَارُهُ) أي: معرفتُه وملاحظته والهاء عائدٌ على ما.

وذكَّره مراعاة للفظه وتنازَع (يَجِبُ) و (اسْتِحْضَار) في قوله: (لِمَنْ) .. يجب لمن - استحضار لمن، من باب التنازع.

حينئذٍ قدَّر للأول وحذَفه، وجعَل الثاني متعلقاً بالمتأخر.

فقد قال "تعليل هذا" عِلَّةٌ لقوله: (يَجِبُ اسْتِحْضَارُهُ) يعني: يجب استحضاره ما الدليل؟ قال الغزالي "يعني: أبو حامد" الملقَّب بحجة الإسلام وليس بحجَّة.

قال الغزالي: من لا معرفة له بالمنطق لا ثقة بعلمه.

إن كان المراد به العلم الشرعي الصحيح الصافي هذا كلام فاسد، إن كان المراد به ما دوَّنه المتأخرون الذين جعلوا المنْطِق في كثيرٍ من فنون العلم فحينئذٍ قد يقال بأنه على وجه التمام على ما ينبغي، نعم قد يقال بهذا، لكن ليس هذا مراده.

ولذلك اعتُرض عليه بالعقيدة والصحابة ونحوها، فقال: أولئك الأقوام كان علم المنْطِق لهم سجية وطبيعة، هذا يدل على أنه ما أراد المتأخرين، وإنما أراد عموم البشرية.

ولذلك قال بعضهم: من أُوتي علم الشريعة دون منطقٍ فهو من خوارق العادات.

نعم. من تعلم علم الشريعة يعني: الإمام أحمد من خوارق العادات، لماذا؟ لأنه بدون منطق، كذلك أبو هريرة وابن عباس حَبر الأمة في التفسير هذا أُوتي علم الشريعة ولا شك، هذا من خوارق العادات؛ لأنه استطاع أن يصل إلى النتيجة بدون واسطة "بدون آلة" كمن وُلِد له بدون زواج هذا مثلُه، فلا فرق بينهما! كله كلام فاسد لا نؤيده.

فقد قال الغزالي: من لا معرفة له بالمنطق لا ثقة بعلمه، وسمَّاه معيار العلوم أي: ميزانها التي تُعرَف بها الأفكار الصحيحة من الفاسدة؛ لعرضِها على قواعده، فما وافقها فصحيح وإلا ففاسد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015