قال الشارح: (وحصرَ المصنف) يعني: الأبهري (المقصود في رسالته) المقصود في الرسالة من علم المنْطِق أو ما أراده من الرسالة .. من التأليف؟ الثاني.
يعني: (المقصود في رسالته) ليس هو المقصود من علم المنْطِق؛ لأن المقصود من علم المنْطِق هو اثنان –بابان-: المعرِّفات والأقيسة، وهو قد زاد على هذين البابين.
إذاً: لم يعتنِ بمقاصد علم المنْطِق.
فالمراد هنا: (المقصود في رسالته) لا يلزم من كونه مقصوداً من الرسالة أن يكون مقصوداً من العلم، فإن مباحث الألفاظ ليست من مقاصد علم المنْطِق، فقد جعلها المصنف هنا في أول بحثه، بل وجعلها مقصودة من الرسالة.
ولأن المراد بالمقصود من الرسالة ما عدا الديباجة، وبالمقصود من العلم مسائلُه كما قيل: إن حقيقة كل علم مسائلُ ذاك العلم. فخرجت المبادئ فإنها ليست مقصودةً بالذات، بل مما يَتوقف عليه المقصود، ومباحث الألفاظ ملحقةٌ بالمبادئ.
إذاً: كل بابٍ ليس هو المعرِّفات ولا الأقيسة فليس من مقاصد الفن البتة، إما أنه يتوقف عليه مباشرة أو بواسطة.
في خمسة أبحاث: بحثِ الألفاظ أولُّها، والدلالة كذلك.
والبحث أصله التفتيش في الأرض بنحو عودٍ ثم نُقِل إلى المسألة الخفية لعلاقة المجاورَة، والبحث في اللغة: الفصح والتفتيش.
والمراد هنا: إثبات النسبة الإيجابية والسَّلبية بطريق الاستدلال، فالمراد بالأبحاث المسائل مجازٌ من إطلاق اسم الحال وإرادة المحل؛ لأن المسائل والقضايا محلٌ لذلك الإثبات.
إذاً: المبحث الأول: بحثُ الألفاظ ومعه الدلالة.
الثاني: بحث الكُلِّيّات الخمس.
الثالث: بحث التصورات. ومراده به هنا المعرِّفات.
الرابع: بحث القضايا، ويتبعها التناقض والعكس .. وما سيأتي.
الخامس: بحثُ القياس.
هذه خمسة أبحاث.
(مُسْتَعِينًا بِاللهِ تَعَالى) (أي: طالباً منه المعونة على إكمالها) أي: إكمال الرسالة.
(مُسْتَعِينًا) حالٌ من فاعل (أَوْرَدْنًا).
(طالباً منه) يعني: من الله تعالى.
(المعونة) يعني: الإعانة.
(على إكمالها) أي: الرسالة.
خصَّه الشارح لقرينة المقام والاهتمام بما هو بصدده وإن كان حذفُ المعمول يفيد العموم.
(مُسْتَعِينًا بِاللهِ تَعَالى) على ماذا؟ ما قيَّده.
لكن قال: (على إكمالها) يعني: إكمال الرسالة فقيَّده بقرينة المقام، والأولى العموم.
(إِنَّهُ) هذا تعليل، لماذا استعنت بالله؟ (إِنَّهُ) أي: لأنه.
"إنَّ" بعد الخبر تُحمل على التعليل.
(إِنَّهُ) أي: إن الباري جل وعلا.
(مُفِيضُ) أي: معطي عطاءً كثيراً.
(مُفِيضُ) اسم فاعل أصله: مُفْيِض مُفعِل، أي: معطي عطاءً كثيراً.
(الْخَيْر وَالجَودِ) أي: العطاء على عباده.
(الْخَيْر) أي: ما فيه نفع.
(وَالجَودِ) أي: إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي على وجهٍ ينبغي، عطفٌ خاصٍ على عام. يعني: عطَف الجود على الخير من عطْف الخاص على العام.
لعدم تخصيص الخير بما ينبغي، أما الجود فهذا بما ينبغي، لكن هذا لا يقال في شأن الباري جل وعلا.
أي: العطاء على عباده.
هذا (إِيسَاغُوجِي) هكذا قال المصنف أول ما قال: (إِيسَاغُوجِي).
وقدَّر له المصنف هنا مبتدأ محذوفاً: (هذا إيساغوجي)، (إِيسَاغُوجِي) هذا خبر لمبتدأ محذوف.