إذاً: زيدٌ مرفوع، زيدٌ مرفوع هذه شخصية مخصوصة يعني: آحاد، تدخل تحت الفاعل مرفوع أو كل فاعل مرفوع.

إذاً: كل فاعل مرفوع هذا يسمى قاعدة كُلِّيّة ولها جزئيات، الجزئيات هي أفراد الموضوع المحكوم عليه، كذلك مطلق الأمر للوجوب .. إلى آخر ما يُذكر من قواعد.

قال: (تعصم) يعني: هذه القواعد.

والعصمة في اللغة: الحفظ فتحفظ الذهن عن الخطأ في الفكر.

والفكر في اللغة: حركة النفس في المعقولات، هو عبَّر بالذهن وإلا الأولى التعبير بالفكر.

وفي الاصطلاح: ترتيب أمرين معلومين يُتوصل بهما إلى أمرٍ مجهولٍ تصوري أو تصديقي، هذا مر معنا .. ترتيب أمرين معلومين.

كيف ترتِّب؟ هو الذي سيأتينا في باب المعرِّفات وفي باب القياس، الترتيب الذي سيذكره المناطقة، (بين أمرين معلومين) إما تصور وإما تصديق.

(يتوصل بهما إلى أمرٍ مجهول تصوري أو تصديقي) هذا الترتيب قد يكون صحيحاً وقد يكون خطأ فاسداً.

فإن رتَّبته على ما وضعه المناطقة من قواعد وأصول حينئذٍ تصل إلى النتيجة الصحيحة، وهو الذي مر معنا من كلام الشيخ الأمين رحمه الله تعالى: أن القياس في نفسه صحيح النتائج، بل قال: قطعي. لكن متى؟ إن رُكِّبت نتائجُه مستوفيةً لشروط الإنتاج على الوجه الصحيح. حينئذٍ يُنتج الفكر الصحيح.

وإن حصل فيه خلطٌ بتقديم وتأخير أو عدم استيفاء بعض شروط الإنتاج حصل الخلل في النتيجة، فصار فكراً فاسداً قطعاً.

إذاً: في نفسه هو صحيح، ولكن الخطأ إنما يعتريه من جهة المستعمل له لا من جهة نفسه أما نفسه فهو منتج.

فحينئذٍ تصل إلى النتيجة الصحيحة وإن لم ترتِّب تلك المعلومات على الترتيب المعهود عنده فحينئذٍ يكون الفكر ليس صحيحاً بل فاسداً.

ولذلك قال: (تعصم) يعني: تحفظ هذه القواعد الذهن والفكر عن الوقوع في الخطأ؛ لأن الفكر يحتمل الصحة ويحتمل الخطأ، ولذلك اختُصر حد علم المنْطِق فقيل: (علمٌ يُعرَف به الفكر الصحيح من فاسده) هذا سهل حتى في حفظه.

(علمٌ) يعني: قواعد وأصول.

(يُعرف به) يعني: بواسطة هذا العلم وهي القواعد والأصول.

(الفكر الصحيح من الفاسد).

إذاً: الفكر فكران: فكرٌ صحيح وفكرٌ فاسد، الذي يستوفي الشروط هو الصحيح والذي يخالف هو الفاسد.

قال هنا: (وهو آلةٌ قانونية) عرَفنا المراد، (تعصمُ) زاد قيداً وهو لا بد من زيادته وقد نبهنا عليه فيما مضى.

(تعصم) يعني: تحفظ.

(مراعاتُها) أي: تلك القواعد أو الآلة (الذهن عن الخطأ في الفكر).

زاد المراعاة؛ لأن العلم إذا لم تكن معه مراعاة "يعني: علم رعاية" حينئذٍ لا فائدة فيه، كما قلنا فيما لو حفظ الألفية ولا يُحسن الإعراب "سلامٌ عليكم" هذا لا يستفيد شيئاً؛ لأنه لم يمارِس النحو.

كذلك القواعد المنطقية لا فائدة منها من حيث أنك تحفظ دون أن تمارس، فحينئذٍ لا بد من مراعاتها بمعنى: أن تكون النفس قد مارست هذا الفن بحيث صار لها ملكة، هذه الملكة حينئذٍ يستوفي بها استعمال القواعد في مظانِّها دون تكلُّف، ولذلك ابتداءً الذي يُعرِب في الفاعل يَرفع مرة ويَنصب أخرى، وجار ومجرور .. ولكنه إذا اعتاد بعد ذلك حينئذٍ يستقيم لسانه، أما في البداية فيتعب قليلاً، ثم بعد ذلك يستريح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015