(عن المعلومات التصورية) يعني: المفردات التي معانيها قائمة بالنفس عندك.
والمعلومات التصديقية يعني: التراكيب، الجملة الاسمية والجملة الفعلية التي معانيها ومضامينها قائمة بالنفس، فلا إشكال فيها، ليس البحث في هذا، وإنما هذه وسيلة للوصول إلى شيءٍ آخر.
إذاً: نبحث في المعلومات التصورية والمعلومات التصديقية من أي جهة؟
قال: (من حيثُ) وهذا تقييد.
(من حيث إنها تُوصِل إلى مجهولٍ تصوري أو تصديقي).
وهذا سيأتي معنا إن شاء الله تعالى أن الذي يوصل إلى المجهول التصوري هو المعرِّفات وهو مر معنا كذلك بالأمس.
والذي يوصل إلى المجهول التصديقي هو الحُجة أو القياس أو البراهين. كلها بمعنى واحد.
البحث في هذين البابين هو بحث المناطقة، مُعرِّفات ولها مبادئ، وكذلك الأقيِسة لها مبادئ.
فكل ما يُذكر غير هذين البابين فهي متممة لهذين البابين، والبحث عنها يكون عن أحوالها الذاتية.
إذاً: ما هو المنْطِق من حيث كونُه علماً؟
(علمٌ) يعني: قواعد وأصول، (يُبحث فيه عن المعلومات التصورية) يعني: المفردات التي معانيها قائمة بالنفس.
(والمعلومات التصديقية) يعني: الجمل والتراكيب التي معانيها قائمة بالنفس ولا إشكال فيها، من أي جهة؟ من أنها موجودة؟ من أين أخذتَها؟ هل بينها ترابط؟ لا. ليست من هذه الحيثية.
من حيث إنها توصل إلى مجهول تصوري أو مجهولٍ تصديقي. يعني: نستفيد من هذه المفردات المعلومة التصديقية ومن هذه المركبات المعلومة التصديقية أن نصل بها على جهة معيّنة إلى استخراج معانٍ لمفردات مجهولة لا نعرفها، ونصل بها إلى مركباتٍ كذلك مجهولةٍ إلينا.
حينئذٍ المفردات على نوعين: مفردٌ معلومٌ عندك، ومفردٌ مجهول لديك. المركبات منها ما هو معلومٌ عندك، منه ما هو مجهولٌ لديك.
فحينئذٍ المعلوم من النوعين على تركيبٍ معيَّن تدرسه في باب المعرِّفات والأقيسة، تصل بهما إلى المجهول في المفردات والمجهول في التصديقات.
وقيل "تعريف آخر": المنْطِق علمٌ تُعرَف به كيفية الانتقال من أمورٍ حاصلةٍ في الذهن إلى أمورٍ مستحصلة. هو بعينه السابق.
علمٌ "يعني: قواعد" تعرِف بهذا القواعد ماذا؟
كيفية الانتقال من أمورٍ حاصلةٍ "يعني: معلومة" والأمور المراد بها هنا المعلومات التصورية والمعلومات التصديقية.
حاصلةٍ في الذهن "موجودة عندك" لن تتعب في إيجادها، إلى أمورٍ مستحصلة يعني: مطلوبة الحصول، ومطلوب الحصول والإيجاد لئلا يكون من باب تحصيل الحاصل يُشترط فيه أن يكون غير معلوم وإلا صار من قبيل تحصيل الحاصل وهو محال.
وهو معنى التعريف السابق لكن بعبارة أُخرى.
وأما باعتبار كونه آلةً "وهو الذي قدَّمه المصنف هنا" فيقال: المنْطِق آلةٌ قانونية تعصِم مراعاتُها الذهنَ عن الخطأ في الفكر.
آلة قانونية، والآلة ما يكون واسطةً بين الفاعل ومنفعله. قالوا: كالمنشار للنجار.