المصدر الميمي في الجميع مفْعَل، يفعُل المصدر الميمي مفْعَل، يفعَل المصدر الميمي مفعَل بالفتح، يفعِل كينْطِق المصدر الميمي منه مفْعَل، وهذا محل وفاق.

بقي اسما الزمان والمكان، اسم الزمان واسم المكان من يفعُل على وزن مفعَل كالمصدر الميمي.

وكذلك اسم الزمان والمكان من يفْعَل مفْعَل إذاً اتحدت.

إذاً القاعدة هكذا رتَّبها حتى تكون مرتَّب: يفعُل وهو أول الأبواب، المصدر الميمي واسم الزمان واسم المكان على وزن مفْعَل، لا فرْق، الثلاثة.

الباب التالي: يفعَل وهو متأخر، يفْعَل المصدر الميمي واسم الزمان واسم المكان على وزن مفْعل.

إذاً: اتحد البابان في الثلاثة الأبواب.

الإشكال في يفْعِل كينْطِق، المصدر الميمي كسابقه: مفعَل، الذي اختلف هو اسم الزمان واسم المكان على وزن مفْعِل.

إذاً: نطَق ينطِق مفعَل مصدرٌ ميمي، مفعِل هذا اسم مكان أو اسم الزمان، ولذلك الأولى أن نقول: منْطِق هذا اسم مكان وليس بمصدرٍ ميمي، وإن شاع كثير يقال: مصدر ميمي، لكن فيه إشكال الذي ذكرتُه.

إذاً الأولى أن يقال: إنه اسم مكانٍ؛ لأن المنطق يقال بالاشتراك في اللغة عندهم على ثلاثة أمور.

"بالاشتراك" يعني: يُطلق تارة على الأول، ويطلق تارة على المعنى الثاني الآتي، وتارة على المعنى الثالث.

لأن المنطق يقال بالاشتراك في اللغة عندهم على ثلاثة أمور:

الأول: يُطلق على الإدراكات الكلِّية كثيرة أي: على نفس الإدراكات.

الثاني: على القوة العاقلة التي هي محل صدور الإدراكات، ومر معنا هذا بالأمس قلنا: وآلتها العقل. ولا إشكال فيه .. القوة العاقلة التي هي النفس.

وقلنا الإدراك هو: وصول النفس إلى المعنى بتمامه، ما معنى النفس؟ هي القوّة العاقلة التي هي محل الإدراكات، وآلتُها العقل.

حينئذٍ محلُ الإدراك غير العقل والعقل آلة ولا إشكال، تقول: زيدٌ يمشي. وصفتَ زيد كله ذاته بيمشي، صح الوصف أو لا؟ صح الوصف، لكن يمشي بيديه؟ برجليه.

إذاً آلة المشي الرجلان، ووصفتَ زيداً بكونه يمشي. إذاً لا إشكال فيه .. زيدٌ يمشي وآلة المشي الرجلان لا إشكال فيه.

النَّفس تدرك -التي هي النفس العاقلة- وآلتُها العقل، كما أن زيداً يمشي وآلة المشي الرجلان لا إشكال فيه، تأمل هذا المثال.

النوع الثالث أو الإطلاق الثلاث: على النطق والتلفظ؛ لأن الإدراكات هذه أمور معنوية داخلية، فإذا أراد الإنسان أن يكتفي بدلالة الألفاظ أو بما يسمعه أو بما يفكِّر فيه هو لنفسه لا يحتاج إلى تلفُّظ، وإنما يحتاج إلى تلفُّظ إذا أراد أن يخبر غيره، ولذلك اللفظ ومباحث الألفاظ هذه تعتبر متممة؛ لأن بحث المنطق في المعقولات، ولا يُشترط في المعقولات في إثباتها أن يحدِّث بها غيرَه وإنما هي ثابتة في نفسها، إذا أراد أن يعلِّم غيره فحينئذٍ لا بد من لفظٍ، فصار اللفظ وسيلة، ليس مقصوداً لذاته وإنما هو وسيلة.

ولذلك كل بابٍ في علم المنطق يتعلق بالبحث في الألفاظ وما يدور حولها، فهو بحثٌ في وسائل ليس بحثاً في المقاصد؛ لأن اللفظ غير المعقول، المعقول محله النفس فحينئذٍ لا يحتاج إلى اللفظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015