ولذلك لو رجعتم إلى السير والتراجم تجدون أنهم كانوا يبرزون قبل العشرين، نحن نبدأ بعد العشرين، هم يبرزون ويتصدرون قبل العشرين يعني: العقلية مهما كانت هذا أمر فطري .. العقلية مهما كانت ابن عشرين هذا فيه شيءٌ من القصور، لكن مع ذلك بفضل الله عز وجل أولاً وآخراً عليهم، ثم بطريقتهم المثلى في التعلُّم استطاعوا أن ينتجوا.
السيوطي يقول في الأشباه: وكتبتُ رسالة في إعراب البسملة ومعانيها. وعمرُه تسع سنين، بلاستيشن يلعب تسع سنين عندنا.
خمسة عشر سنة الآن يعتبر نفسه صغير، يبتدئ العلم عمره ثمانية عشر سنة يقول: بدأت العلم وأنا صغير، كيف صغير؟ خلاص.
قال: (رِسَالَةٌ) وهي في عرف أصحاب التدوين: اسمٌ لأوراقٍ قليلة تحتوي على مسائل من العلم.
(لطيفة) رسالةٌ لطيفة يعني: حسنَة .. حسنةُ الوضع، بديعةُ الصنع.
(فِي المَنْطِقِ) في علم المنطق.
هذا تقييدٌ لموضوع الرسالة، في أي فن؟ قال: في علم المنطق.
هذا شروعٌ من المصنف -رحمه الله تعالى- فيما يتعلق بذكر بعض المبادئ العشرة، سيذكر التعريف والموضوع، وأظنه ذكر الثمرة، هذه مجموعة في قول الصبَّان:
إِنَّ مَبَادِي كُلِّ فَنٍّ عَشَرَةْ ... الحَدُّ وَالمَوْضُوعُ ثُمَّ الثَّمَرَةْ
وَفَضْلُهُ وَنِسْبَةٌ وَالْوَاضِعْ ... وَالاِسْمُ الاِسْتِمْدَادُ حُكْمُ الشَّارِعْ
مَسَائِلٌ وَالْبَعْضُ بِالْبَعْضِ اكْتَفَى ... وَمَنْ دَرَى الجَمِيعَ حَازَ الشَّرفَا
وهذه كذلك من الأشياء التي يُفرَّط فيها الآن، يعني يظن أن هذا تحصيل حاصل، اتركنا منه ندخل في الكتاب مباشرة! وهذا غلط، لماذا؟
لأنه مهما أُوتي الإنسان من ذكاء إذا لم يضبط -على جهة العموم- الفن الذي سيدرسه وفائدة الفن لن يمشي فيه، لن يستمر.
ولذلك من الأسباب أن الطالب يبدأ ويرجع، يبدأ ويرجع، يبدأ وينقطع .. إلى آخره، من الأسباب أنه لا يدري ماذا يطلب، فلا يعرف النحو، قد يدرس الآجرومية وينتهي قل له: ما هو النحو؟ صوِّر لي النحو؟ ما يستطيع أن يعبّر.
ما الفائدة؟ لا يستطيع أن يعبِّر.
كيف تطلب علم وتنتهي وتقرأ وتحفظ وأنت ما تعرف الفائدة المرجوَّة من هذا الفن، ما هي الثمرة.
الذي ينبغي أن يُعتنى في كل فنٍ أن يكون لك دراسة معيَّنة في كل فنٍ تدرسه على نمط هذه المسائل العشرة.
"إِنَّ مَبَادِي كُلِّ فَنٍّ عَشَرَةْ" والتي يسمونها مقدمة العلم، وما مضى الثمانية الأمور .. الأربعة المستحبات هذه مقدمة كتاب، وأما مقدمة العلم فيذكرون فيه الحد والموضوع.
قال: (في علم المنطق).
المنطق على وزن مَفْعِل.
قال في الإيضاح في شرح السلَّم: مصدر ميمي، وتلقاه البعض على أنه مصدرٌ ميمي.
وهذا فيه إشكال عندي، كيف يكون مصدراً ميمياً وفعلُه ينطق؟ منطِق مفعِل، كيف يكون مصدراً ميمياً وفعلُه المضارع على وزن يَفْعِل.
((هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ)) [الجاثية:29]، ((وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)) [النجم:3] إذاً من باب يَفْعِل، وباب يفْعِلُ -بكسر العين- المصدر الميمي منه على وزن مفْعَل ليس على وزن مفعِل؛ لأنك تقول: يفعُل يفعَل يفعِل. ثلاثة أبواب.