حينئذٍ جاء الاحتمال، الاحتمال قائم والسؤال وارد، وتركَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاستفسار، هذا يُحمل على العموم.
وَنَزِلَنَّ تَرْكَ الاِسْتِفْصَالِ ... مَنْزِلَةَ العُمُومِ فِي المَقَالِ
حينئذٍ يعم النص يعني: يصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد الأول بعد السلام، ويصلي في التشهد الأخير. وهذا مذهب بعض أهل الحديث وهو اختيار الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى وكذلك الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، وهو ظاهر النص أنه يُصلَّى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد الأول والثاني.
وأما أنه {كأنه قاعدٌ على جمرٍ} الحديث ضعيف هذا، ثم لو صحَّ لا يدل على أنه لا يُصلَّى وإنما يُكتفى بالسلام، وإنما يدل على الخفَّة كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها في ركعتي الفجر: {لا أدري هل قرأ بأم الكتاب أم لا} هل معنى ذلك أنه لا يقرأ بالفاتحة في ركعتي الفجر السنة؟ يعني: تقول: لا أدري هل قرأ بالفاتحة أم لا؟
يدل ذلك على الخفَّة فقط "السرعة يعني" تكون خفيفة، كذلك لو صلى في التشهد الأول يكون خفيفاً إذا صحَّحنا الحديث.
قال: (وهي من الله رحمةٌ).
(وهي) يعني: الصلاة.
(من الله رحمةٌ) لعبده.
(ومن الملائكة استغفار، ومن الآدميين تضرعٌ ودعاء) دعاء هذا عطف وتفسير، وهذا هو المشهور وهو ما حكاه الجوهري عن أئمة اللغة، ولكن ذكر أبو العالية معلَّقاً في البخاري {صلاةُ الله تعالى على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى}.
ولابن القيم رحمه الله تعالى كلامٌ كثير في هذه المسألة.
(وَعلى عِتْرتِهِ) عِتْرتِهِ بالمثناة فوق.
(أي: أهلُ بيته لخبرٍ وردَ به).
يعني: يُفسّر عِتْرتِهِ –العترة- بأهل بيته، قال: (هم عليٌ وفاطمة والحسن والحسين، أمهات المؤمنين، وقدّم هذا لوروده في الحديث.
وقيل: أزواجُه وذريته، وقيل: أهله وعشريته الأدنَيْن، وقيل: نسله ورهطه الأدنين. وعليه اقتصر الجوهري).
على كلٍ المسألة فيما يتعلق بالعِترة مسألة فقهية يتعلق بها مسألة الزكاة وغيرها، وذكر أقوالاً هنا.
قال هنا: (الأدنين) هذا قيدٌ لإخراج الأباعد (أهله وعشريته الأدنين) الأدنين هذا جمع أدنى، ذكره في الحاشية في التصنيف.
(وقيل: نسلُه ورهطه الأدنين) كذلك فيه احتراز عن الأباعد.
قال: (أَجْمَعِينَ) تأكيد.
(أَمَّا بَعْدُ) هذا من المستحبات، وذكرناها في مقدمات الكتب.
(يؤتى بها للانتقال من أسلوبٍ إلى آخر).
يعني معناها الذي يؤتى به لأجله هو: أنه يُنتقل بها من أسلوبٍ إلى أسلوبٍ آخر، أُسلوب بضم الهمزة يعني: نوعاً من الكلام، وليس المراد هنا أسلوب المدح أو الأمر إلى أسلوب النهي أو العكس، أو العام إلى الخاص لا، ليس هذا مرادهم.
وإنما مرادهم أنه ينتقل من المقدمة إلى الشروع في المقصود، وعملُهم جارٍ على هذا .. أنه يؤتى بها في ذكر أو الانتقال من المقدمة يعني: انتهت المقدمة (أَمَّا بَعْدُ) فحينئذٍ تشرع في المقصود بعد ذكر (أَمَّا بَعْدُ).
وهذا أسلوب في المقدمة، لها أسلوب، وكذلك المقصود له أسلوبٌ خاص، فحينئذٍ لا إشكال في أن كلاً منهما أسلوب.
هذا أسلوبٌ يعني: نوعٌ من الكلام وهذا أسلوبٌ يعني: نوعٌ من الكلام، فلا إشكال فيه ولا اعتراض.