لكن ظاهر الكتاب والسنة التقييد كثير فيه .. في القرآن أكثر الحمد مقيّد.
قال هنا: (وإنما حمد الله على التوفيق أي: في مقابلته لا مطلقاً؛ لأن الأول واجب) يعني: المقيَّد (والثاني مندوب).
(الأول واجب) أي: اعتقاد كون النعمة من الله تعالى واجب.
(والثاني مندوبٌ) أي: يثاب عليه ثواب المندوب.
فقد ظهر أن الحمد المقيَّد أفضل من المطلق، ولأنه أكثرُ ما ورد في القرآن والسنة، وقيل: المطلق أفضل لصِدقه على جميع المحامد كلها معلومِها وغير معلومها. والحمد المطلق أن لا يلاحِظ شيئاً من النعم، والحمد المقيّد بأن يلاحظ نعمة معيّنة.
قال هنا: (وَنَسْأَلُهُ طَرِيقةً هَادِيةً) أي: دالّة على الطريق المستقيم.
(نَسْأَلُهُ) هذا الذي قال هناك، هنا وفيما يأتي نسأله، داء بالنون الدالة على العظمة، لماذا؟ للعلة السابقة، لكن الصواب أن يقال هنا: من باب المشاكلة يعني: ليوافق العطف. يعني: يعطف جملة فعلية مضارعية مبدوءة بالنون على سابقتها.
(نَسْأَلُهُ طَرِيقةً هَادِيةً) أي: دالةً لنا على الطريق، هذا بيان لمتعلَّقها لا تفسيرٌ لكلمة طريق في كلام المصنف.
قال: وفي نسخة (وَنَسْأَلُهُ هِدَايَةَ طَرِيقِهِ) وهذه أحسن لأنها مراعاة للسجع (عَلَى تَوْفِيقِهِ.
وَنَسْأَلُهُ هِدَايَةَ طَرِيقِهِ).
توفيقه .. طريقه. فهي أولى.
قال: (وَنُصَلَّي) كذلك جاء بالنون الدالة على العظمة للمشاكلة.
(عَلَى مُحَمَّدٍ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قلنا: هذا علمٌ شخصي منقولٌ من حُمِّد المضاعف.
قال: (من الصلاة عليه) يعني: نصلي ليست الصلاة التي هي الأقوال والأفعال المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم، وإنما المراد من الصلاة عليه المأمور بها في خبر {أَمرنا الله أن نصلي عليك. فكيف نصلي عليك؟
فقال: قولوا: اللهم صل على محمدٍ .. } إلى آخره.
(وَنُصَلَّي عَلَى مُحَمَّدٍ).
قال: (من الصلاة) يعني: مأخوذةٌ من الصلاة، وقيّد بالظرف (من الصلاة)؛ لإخراج الصلاة بمعنى الأقوال والأفعال، ولإخراج الصلاة بمعنى الرحمة.
وقوله: (المأمور بها في قوله كذا) نقول: قبل ذلك قوله تعالى: ((صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) [الأحزاب:56] فحينئذٍ نقول: صلَّوا. هذا أمرٌ، وجاء النص في الخبر المذكور الذي ذكره المصنّف، فحينئذٍ امتثالاً لهذين الأمرين في الكتاب والسنة نقول: نصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولذلك قدَّمه المصنف وهو يعتبر من الأمور الواجبات في مقدمة الكتب كما مر معنا.
قال: {فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمدٍ .. } إلى آخره.
قال المحشي هنا: وهو كما في رواية ابن سعدٍ رضي الله عنه قلت: {يا رسول الله! أَمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فسكت ثم قال .. } الحديث.
وفي رواية: {عرفنا كيف نسلِّم عليك فكيف نصلي؟}.
هذا أخذ منه بعض أهل العلم أن الصلاة كما تكون في التشهد الأخير تكون كذلك في التشهد الأول؛ لأنه هنا ليس فيه تفصيل قال: {إذا نحن صلينا} إذاً: ما قيَّد، هل الصلاة تكون في التشهد الأول أو تكون في التشهد الثاني؟