ولذلك قال: (كقولنا: ألف مساوٍ لباء، وباء مساوٍ لجيم. فإنَّ هذين القولين يستلزمان ألفاً مساوياً لجيم) ألف مساوي لجيم ليس لباء؛ لأنه لم يقل ألف ساوى جيماً، وإنما قال: ألف ساوى باءً، هذه مقدِّمة.
ثم باء مساوٍ لجيم، ما العلاقة بين ألف وجيم؟ متساويان.
(فإنَّ هذين القولين يستلزمان ألفاً مساوٍ لجيم لا لذاتهما بل بواسطة مقدمة أجنبية).
يعني: ليست إحدى مقدمتي القياس بل هي أجنبية، هذا المراد بالأجنبية هنا.
(وهي) أي: هذه المقدمة الأجنبية (أنَّ مساوي المساوي لشيء مساوٍ له).
(لشيء) متعلِّق بقوله: (المساوي) المُحلى بأل .. المتأخر.
(مساوٍ له) أي: لذلك الشيء.
إذاً: هذا ما يسمى بقياس المساواة.
قال العطار: (سُمّي قياس مساواة لأن إنتاجَه يتوقف على مساواة ملزوم جيم، وملزوم ملزوم جيم في النسبة إلى جيم بالملزومية، ومن لم ينتبه لهذا قال: سُمِّي قياس مساواة باعتبار الفرد المُعْتَبر في المساواة، ثم إنه لا وسطَ في قياس المساواة) ليس عندنا وسط متكرر.
(فليس داخلاً حتى يخرج، لكنه لما لم يذكُر في التعريف قيْد تكرُّرِ الوسط احتِيج إلى إخراجه بقوله: بذاته) لا بد من تكرُّر الوسط كما سيأتي.
(والمقصود من إخراج هذه المذكورات عدمُ تسميتها قياساً منطقياً، لا عدمَ تسميتها قياساً مطلقاً؛ لأنها تسمى قياساً بالتقييد: بالتمثيل والاستقراء والمساواة) فخرجت هذه الثلاثة: قياس الاستقراء، قياس التمثيل، قياس المساواة. خرجت كلها من هذا الحد.
قال رحمه الله تعالى: (ولذلك لا يتحقق الاستلزام فيه).
(ولذلك) أي: كونُ إنتاجِه للمقدمة لا لذاته.
(لا يتحقق الاستلزام فيه) يعني: قياس المساواة.
(إلا حيثُ تصدق هذه المقدمة) يعني: الأجنبية، لا بد أن تكون صادقة، فلو كانت كاذبة ما يصح.
مباين المباين للشيء مباينٌ لذلك الشيء، هذه ليست صادقة هذه كاذبة.
قال: (إلا حيث تصدق هذه المقدمة الأجنبية) لا بد أن تكون صادقة.
(كما في قولنا: ألِفٌ ملزومٌ لباء، وباء ملزومٌ لجيم فألِف ملزومٌ لجيم؛ لأن ملزوم الملزوم ملزوم) هذه صادقة أو لا؟ صادقة .. ملزوم الملزوم ملزوم.
(فإن لم تصدق تلك المقدمة) يعني: الأجنبية.
(لم يحصل منه -قياس المساواة- شيءٌ) يعني: نتيجة صادقة.
(كما إذا قلنا: ألف مباينٌ لباء، وباء مباينٌ لجيم. لا يلزم منه أنَّ ألفاً مباينٌ لجيم).
المباينة يعني: المخالَفة .. إذا ألف باين باء وباء باين جيم، لا يلزم أنَّ ألفاً يباين جيماً.
قال: (فإن لم تصدق تلك المقدمة الأجنبية لم يحصل منه -قياس المساواة- شيءٌ –نتيجة- كما إذا قلنا: ألِف مباينٌ لباء، وباء مباينٌ لجيم. لا يلزم منه أنَّ ألفاً مباينٌ لجيم؛ لأنَّ مباين المباين لشيءٍ لا يلزم أن يكون مبايناً له أي: لذلك الشيء.
بل يجوز أن يكون أعم كالحيوان المبايِن للجماد المباين للإنسان).
الحيوان مباينٌ للجماد مخالِف، والجماد مباين للإنسان، الحيوان والإنسان الحيوان أعم من الإنسان.
(وأن يكون أخص كالإنسان المباين للجماد والجماد المباين للحيوان) إنسان وحيوان إنسان أخص.
إذاً: لا يلزم منه المباينة من كل وجه، وإلا الخصوصية والعموم هذا فيه شيءٌ من المباينة.
قال هنا: (لا يلزم أي: أن يكون مبايِناً له.