إذاً: المراد هنا: أنه لا يلزم عنهما شيءٌ آخر: الاستقراء لا يستلزم شيئاً آخر، وقياس التمثيل لا يستلزم شيئاً آخر، هذا المراد هنا.

ولذلك قال: (لإمكان التخلُّفِ في مدلوليهما) يعني: مدلول الاستقراء والتمثيل (عنهما) يعني: ليس ثَم تلازم بينهما.

قال: (وما يلزم عنه قولٌ آخر لا لذاته).

(وما يلزم) أي: وخرج، هذا معطوفٌ على السابق .. على الأول: (خرج القول الواحد والاستقراء والتمثيل، وما يلزم عنه قولٌ آخر) لكن (لا لذاته) هذا عطفٌ على فاعل خرَج أيضاً.

(بل بواسطة مقدمة أجنبية) مقدِّمة أو خصوص مادة، قد يكون لخصوص المادة .. لذاتها -سيأتي مثاله-، وقد يكون لمقدمة أجنبية يعني: خارجة .. ليست مذكورة في القياس.

(وخرج أيضاً ما يلزم لخصوص المادة كما في قولنا: لا شيء من الإنسان بحجر، وكل حجرٍ جماد. فإنه يلزم منه: لا شيء من الإنسان بجماد) لكن لا من ذات المقدمتين وإنما من أمرٍ خارجي.

قال: بل بواسطة مقدمة أجنبية كما في قولنا: فلانٌ المريض يتحرك) هذه صغرى (فهو حيٌ) هنا حذَفَ الكبرى، يجوز حذفُ الصغرى أو الكبرى المعلومة .. المشهورة، فتأتي بمقدمة واحدة تذكُرُها وإذا كان ثَم قضية أو مقدمة مشهورة بينك وبين الخصم أو المستمع جاز لك حذفُها وتأتي بالنتيجة، لكنها تكون مقدرة.

(فلان المريض يتحرك. هذه صغرى، والكبرى محذوفة أي: وكل من يتحرك فهو حيٌ يُنتِج فلان المريض) هذا المخصوص "حيٌ" هذا يسمى قياساً.

هنا بواسطة أنَّ كل متحركٍ بالإرادة حيٌ، لكن هذا يرد عليه إشكال: أنه لا بواسطة مقدمة ليست مذكورة وإنما محذوفة ويجوز الحذف، فإخراج هذا النوع فيه إشكال؛ لأنه من المقرر أنه إذا تألف القياس من مقدمتين جاز حذفُ إحدى المقدمتين، بل يجوز حذف النتيجة أحياناً، ولذلك كثيراً ما يكتفي بعض الممثلين لبعض المسائل قال: العالم متغير كل متغير حادث فقط، ولا يأتي بالنتيجة لأنها معلومة، فيجوز حذفها، لكن ليس معناها أن هذا القياس لا يستلزم نتيجة.

وكذلك قد تأتي بالصغرى وتحذف الكبرى، أو تأتي بالكبرى وتحذف الصغرى، إذا كان كلٌ من المحذوف مشهوراً عند السامع فيجوز، حينئذٍ لا يكون طعناً في القياس، ولا يكون هذه القضية المحذوفة ليست أجنبية وإنما هي من أصل القياس، لكنه حذَفها للعلم بها.

قال هنا: (كل متحرِّك بالإرادة حيٌّ، وكما في قياس المساواة) قياس المساواة من مقدمة أجنبية خارجة عن القياس.

(وكما في قياس المساواة وهو) أي: قياس المساواة (ما يتركب من قولين) هذا جنس شمِل المعرَّف وغيرَه.

(يكون متعلِّقُ محمولِ أولهِّما موضوعَ الآخَر. كقولنا: أَلِف مساوٍ لباء، وباء مساوٍ لجيم) هل يستلزم ألف مساوٍ لجيم؟ نعم يستلزمه، لكن لا لذات المقدمتين، وإنما لمقدمة خارجة: مساوي المساوي مساوي .. مساوي لشيء ساواه زيدٌ ساواه.

لو قلت: هذا إيهاب ساوى محمد، ومحمد ساوى فؤاد. إذاً: إيهاب مساوٍ فؤاد. مساوي المساوي مساوي، هذه المقدمة خارجة يعني: معلومة من الذهن وليست من ذات القياس.

حينئذٍ لزم عن القولين قولاً آخر، لكن لا لذات المقدمتين وإنما لمقدمةٍ أجنبية خارجة عن القياس يعني: استعانة بشيءٍ منفصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015