مثلاً: الإنسان مباين للفرس والفرس مباين للناطق، ولا يخفى أن الإنسان مساوٍ للناطق؛ لأن مباين المباين للشيء لا يلزم أن يكون مبايناً له.

وكذا إذا قلنا: ألِف نِصفُ باء وباء نصف جيم) ألِف نِصفُ باء يعني: اثنين نصف أربعة، وباء نصف جيم يعني: أربعة نصف ثمانية. هل يلزم أن ألف نصف جيم؟ لا. غلط.

ألف نصف باء يعني: اثنين نصف أربعة، وباء نصف جيم يعني: أربعة نصف ثمانية، اثنين نصف ثمانية؟ ما يصح، ما يتأتى. إذاً: ليست مطردة، إنما هي في المساوي فقط، أما التنصيف لا.

(لا يلزم منه أن ألفاً نصفُ جيم) اثنين نصف ثمانية لا يلزم.

(لأنَّ نصفَ نصفِ الشيء لا يكون نِصفاً له) يعني: لذلك الشيء.

(نصف نصف الشيء) نصف نصف الثمانية، (لا يكون نصفاً له) للثمانية.

(والمراد باللزوم) لزِم عنه (ما يعم البيِّن وغيره) كما مر معنا.

(فيتناول القياس الكامل) ما الذي يتناول هنا؟ يعني: حد القياس .. تعريف القياس. تفريعٌ على قوله: (المراد باللزوم ما يعم البيَّن وغيره).

(فيتناول) حينئذٍ تعريفُ القياس (القياسَ الكامل) وهو الشكل الأول.

أعظم ما يُعتمد هنا الشكل الأول، ولذلك إذا ضُبط انتهى الباب .. الشكل الأول ضروبُه وإنتاجُه وحقيقتُه انتهى الباب، هو المعوَّل.

ولذلك هو القياس الكامل عندهم من كل وجه، ولذلك الثاني والثالث يُردَّان إلى الأول.

قال: (الكامل) أي: المستقل باستلزام النتيجة، بحيث لا يحتاج إلى ردٍّ ولا استدلال. بل الثاني والثالث يُردَّان إليه.

قال العطار: (الكامل وهو ما يظهر عنه المطلوب من غير تغيير شيءٍ مما في القياس وهو الشكل الأول) يعني: في الشكل الثاني إذا جيء بالقياس لا بد أن يحصل فيه تغيير، أو عَكْس الصغرى مثلاً في الثاني ليرجع إلى الأول. إذاً: يتغير، والثالث يتغير أما هذا لا، والذي لا يتغير أكمل؛ لأنه يعتبر دليلاً على أنه مستقلٌ بذاته لا يفتقر إلى غيره، بخلاف الشكل الثاني يفتقر إلى الشكل الأول، والثالث يفتقر إلى الشكل .. إذاً: ليس لذاته، ليست به قوة مستقلة، وإنما لا بد من ردِّه إلى الشكل الأول فيتقوَّى ثم بعد ذلك يُنتِج.

ولذلك: (الكامل وهو ما يظهر عنه المطلوب من غير تغيير شيءٍ مما في القياس وهو الشكل الأول.

والقياس الاستثنائي غيرُ الكامل: ما يبيِّن لزوم النتيجة عنه بتغيير وضع الحدود كالشكل الثاني والثالث والرابع) هذا غير بيِّن وغير كامل.

(ثم القول اللازم يجب أن يكون مغايراً لكل واحدٍ من المقدمات، فإنه لو لم يُعتبر ذلك لزم أن يكون كلُّ قضيتين قياساً كيف كانتا لاستلزامهما أحدَهما) هذا قولٌ لبعضهم.

(وفيه: أن المتبادر من التعريف أن القول الآخر هو الباعث للتأليف فهو المترتب عِلمُه على علم المقدمتين) إذاً: لا بد من تلازم.

قال هنا: (فيتناول القياس الكامل وهو الشكل الأول، وغير الكامل وهو الاستثنائي والأشكال غير الشكل الأول، وهو باقي الأشكال.

وأشار بقوله: مَتَى سُلِّمَتْ -يعني: تلك الأقوال- إلى أن تلك الأقوال لا يلزم أن تكون مسلَّمة في نفسها) يعني: صادقة.

(بل أن تكون بحيث لو سُلِّمت أي: وإن كانت كاذبة) لكن نقدِّر ونفرض أنها صادقة، فنركِّب عليها القياس دخل في الحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015