أي جملة هذه؟ جملة فعلية يعني: مبدوءة بفعل، ومعلوم أن الفعل إما ماضي وإما مضارع؛ لأنه هو الذي يدل على الحدوث، أما صلِ لم يكن هو في المستقبل، قم هذا ليس الحدث موجوداً، إنما الذي يدل على وجود الحدث هو الفعل الماضي والفعل المضارع.
"قام زيد" ماذا تفهم لو قيل لك: قام زيدٌ، صلى عمروٌ؟
حدوث القيام، قام زيدٌ حدَث القيام، حدث بعد أن لم يكن .. نتركُ الزمن.
حدث بعد أن لم يكن، لم يكن قائماً ثم قام.
إذاً: هذا تجدُّد أو لا؟ تجدد. بمعنى أن زيداً لم يكن متصفاً بالقيام ثم كان.
فنقول: حدث له قيامٌ لم يكن، وهنا نقف نرجع إلى درس أمس قلنا: أنواع العلم الحادث.
الحادث قالوا: هذا احترازاً عن علم الله عز وجل، وهذا خطأ.
هل يَلزم من كون الشيء حادثاً أن يكون مخلوقاً؟ الجواب: لا.
حتى في اللغة حدث حادث المرور مثلاً تقول: شيءٌ لم يكن ثم كان، يسمونه حادث، سواء كان في الأرض أو في الجو .. حدث حادث يعني: لم يكن ثم كان، هذا معناه اللغوي والاصطلاحي.
هل يدل على أنه مخلوق؟ الجواب: لا؛ لأننا قد نصفُ بعض صفات الباري جل وعلا بأنها لم تكن ثم كانت، وهذا هو المعنى: لم يكن القيام ثم قام.
"قام زيدٌ" لم يكن متصفاً بالقيام ثم قام، هذا تغيُّر، قد يوجد هذا المعنى في صفات الباري جل وعلا، في صفات المخلوق، الحدوث هذا مخلوق لم يكن ثم كان، قيام فعلٌ له وهو حادث إذاً مخلوق.
لم يكن مستوياً ثم استوى. حدَث؟ حدث نعم، لم يكن ثم كان.
الآن نجزِم ونحن هنا بأن الباري لم ينزل النزول اللائق به جل وعلا في ثُلث كل ليلة، الآن نعتقد عدم النزول أو النزول؟ نعتقد عقيدة ما فيه شك لم ينزل، إذا جاء ثلث الليل الأخير نزل، إذاً لم يكن ثم كان .. لم يكن النزول ثم كان.
إذاً: العالم متغيِّر، وكل متغيرٍ حادث فالعالم حادث هذا فيه نظر، ليس بصحيح.
فقولهم: احترازاً عن علم الله عز وجل. نقول: هذا ليس مسلَّماً؛ لأن مرادهم أن الحدوث ملازمٌ للخلق والإيجاد، فكل حادثٍ فهو مخلوق.
ولذلك يقال: سبحانه الذي لا يتغيَّر. ويلتقطها بعض عوام أهل السنة .. سبحان الذي لا يتغير نقول: لا. هذا غلط، هذا على عقيدة الأشاعرة وليس على عقيدة أهل السنة والجماعة.
"قام زيدٌ" قلنا هذا فيه تجدُّد وهو عدم القيام ثم كان.
يقوم زيدٌ. ماذا تفهم منه؟ ثبوت القيام، وباعتبار التجدُّد: لم يكن القيام ثم كان.
إذاً: يتحد الفعل الماضي والفعل المضارع في الدلالة على التجدُّد بمعنى واحد وهو لم يكن ثم كان، ثم يزيد الفعل المضارع بالدلالة على الاستمرار، وهو الذي يُعنَى به بأن الجملة المضارعية تدل على التجدد والاستمرار، ومرادهم بالتجدد ليس هو التجدد الذي يدل عليه الفعل الماضي، الفعل الماضي كذلك يدل على التجدد لكن بمعنى: لم يكن ثم كان. وهذا القدر مشترك مع الفعل المضارع كذلك ولكن يزيد على الماضي بكونه يقع مرة بعد أخرى، فرْقٌ بين النوعين.
ولذلك قال: إن الحمد لله نحمده، حَمِد أولاً بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والدوام لتعليق الحمد بالذات الدائمة المستمرة، ونحمده المراد هنا بالحمد المتعلق بالإنعام المتجدد مرةً بعد مرة، فحصل الفرق بين الجملتين.