زيدٌ قائمٌ: ثبوت قيام زيد. دلَّت على الحصول يعني: وُجد.
تَفهَم من هذا التركيب: زيدٌ قائمٌ. أنَّ زيداً لم يكن قائماً ثم قام، حينئذٍ نقول: دلَّت الجملة الاسمية على مطلق الثبوت والمراد به الحصول يعني: الإيجاد.
هل تدل على الاستمرار؟
الجواب: لا. لا تدل على الاستمرار.
اتَّصف زيدٌ بالقيام فقط، هل قيامه مستمر إلى زمن التكلُّم أو ما بعده؟ الجملة لا تدل على ذلك، هل هذا القيام مقيَّد بزمن؟ الجواب: لا. ليس مقيداً بزمن وإنما قائم إذا أردنا النظر فيه على حد ذاته فهو اسم فاعل ويدل على الحال فقط، قائمٌ يعني: في وقت، هـ قائمٌ هو زيدٌ، زيدٌ قائمٌ هو.
إذاً: الجملة الاسمية لا تدل على الزمن ولا تدل على التجدُّد، وإنما تدل على حصول الشيء بعد أن لم يكن .. اتصف زيدٌ بالقيام بعد أن لم يكن.
زاد هنا -كما قال هنا-: (على وجه الثبات والدوام) ولذلك لعله يمر بك أن الجملة الاسمية تدل على الدوام، الدوام هذا كيف نأخذه؟
يعني: زيدٌ متصفٌ بالقيام على جهة الدوام. أحدُ احتمالين:
إما أن يؤخذ هذا الدوام والثبات أن القيام استقر لزيد حتى يأتي دليل آخر يدل على أن زيد تركَ القيام، هذا المراد بالدوام هنا.
زيدٌ قائمٌ. إذاً: ثبت له القيام، فنحتاج إلى دليل آخر يدل على عدم القيام؛ على أنه تركَ القيام، من أين نأخذه؟
قالوا: من غلبة الاستعمال. يعني: أكثرُ استعمال العرب الجملة الاسمية للدلالة على الثبوت والدوام، الدلالة على الثبوت هذا لازمٌ لأنه في أصل الوضع. يعني: الحصول.
لكن بقرينة خارجية وهي غلبةُ الاستعمال نقول: تدل على الدوام، فحينئذٍ (الحمدُ لله) نقول: الحمد دائمٌ ما دام الله تعالى موجود وهو باقٍ. إذاً: الحمد هنا رُكِّب هنا وعُلِّق على لفظ الجلالة، الحمدُ هذا يُعتبر محمولاً وللهِ يُعتبر موضوعاً.
ولما كانت الذات مستمرة باقية أبد الآباد بصفاته جل وعلا وأسمائه ناسب أن يأتي بما يدل على الثبوت والدوام، لكن الثبوت والدوام ليس من أصل وضعِ الجملة الاسمية وإنما هو بغلبة الاستعمال.
والغالب عند أهل البلاغة يقولون: الجملة الفعلية أصلٌ للجملة الاسمية. يعني: الجملة الاسمية معدولة يعني: حُوِّلت الجملة الفعلية فصارت جملة اسمية، كيف؟
قالوا: أصلُ "الحمدُ لله": حمدتُ حمداً لله، حُذِف الفعل اكتفاءً بدلالة المصدر .. حُذف الفعل استغناءً عنه واكتفاءً بدلالة المصدر؛ لأنهما متحدان من حيث الدلالة، صار: حمداً لله.
النصب هنا يُشعر بوجود الفعل ونحن نريد أن يكون الفعل نسياً منسياً .. ذهب في خبر كان، إذاً: ماذا نصنع؟
قالوا: إذاً نعدل عن النصب إلى الرفع للدلالة على الدوام، فقيل: حمدٌ لله، ثم دخلتْ أل المعرِّفة فقيل: الحمدُ لله، هذا إذا صح أن يُقدَّر بهذه السهولة في هذه الجملة، لكن العشرات بل مئات الجمل لا يمكن أن تأتي بالجملة الاسمية وتكون معدولة عن الجملة الفعلية.
وإنما نقول الصواب -فراراً من التكلُّف والتعسّف-: أن الجملة الاسمية تدل بالوضع على مطلق الثبوت الذي هو الحصول وتدل على الدوام لكن من جهة غلبة الاستعمال، أما العدول هذا وإن أكثر منه البيانيون إلا أن فيه تكلفاً واضحاً بيِّن.
الجملة الفعلية تدل على التجدد والاستمرار.