بمعنى: أنه متى حصلت الأقوال في الذهن انتقل إلى القول الآخر) الذي هو النتيجة، تتصور القياس .. معلوم، العالم متغيِّر وكل متغير حادث العالم حادث، استحضِر هذا في ذهنك تفهم التعريف.
إذاً قوله: (مُؤَلَّفٌ مِنْ أَقْوَالٍ) من قولين فأكثر: العالم متغير وكل متغير حادث، العالم حادث إذاً: هذه نتيجة.
متى سُلِّم النظر في تلك المقدمتين -يعني: كلٌ منهما صادقة على فرض صدقها وقد تكون كاذبةً كما مر- حينئذٍ يلزم من هاتين المقدمتين قولٌ آخر، هذا القول الآخر يسمى نتيجة؛ إذ كل قياس لا بد له من نتائج.
حينئذٍ إذا نُظر في المقدمتين قد يُتوصَّل بالانتقال الآتي ذكرُه -وخاصة في باب الأشكال- يُتوصل بالنظر والتأمل والتفكر في هاتين المقدمتين لذات المقدمتين، دون واسطة خارجة عن المقدمتين.
ولذلك قال: (لِذَاتِهَا) أي: لذات المقدمتين؛ لأنه قد يأتي قياس المساوي .. أنه قد يستلزم النتيجة لكن بالنظر لمقدمة خارجة عن المقدمتين.
هذا نقول: نعم سُلِّمت القضايا ولزم منها قولٌ آخر وهو النتيجة، لكن لا لذات المقدمتين، حينئذٍ لا يكون داخلاً معنا.
ولذلك قال: (لَزِمَ عَنْهَا لِذَاتِهَا) (أي: لزوماً ذهنياً. بمعنى أنه متى حصلَت الأقوال في الذهن) مع الارتباط كما سيأتي ليس هكذا، إنما لا بد من الموضوع يكون محمولاً، وفي الصغرى موضوعاً في الكبرى، الحد الأوسط يكون داخلاً، التكرار .. سيأتي بحثه.
(في الذهن انتقل إلى القول الآخر).
قال العطار هنا: (قوله: لَزِمَ عَنْهَا لِذَاتِهَا. لا يخفى أن الاستلزام ظاهرٌ في القياس العقلي) هذا واضح.
كون الشيء يستلزم الشيء هذا في العقلي واضح، لكن لو كتبت هكذا في اللفظ: العالم متغيِّر وكل متغيِّر حادث. هل هذا اللفظ يستلزم النتيجة؟ اللفظ لا يستلزم شيئاً، إنما الذي يستلزم الذي يكون في الذهن، هذا واضح بيِّن.
إذاً: يختص حينئذٍ الاستلزام بالمعقول، ونحن قد أدخلنا الملفوظ فكيف يستلزم؟ بل يكاد يكون بحثُنا هنا في الملفوظات، والملفوظات دوال المعقول.
حينئذٍ كيف نقول بأن الاستلزام قد وقع واللفظ لا يستلزم شيئاً؟ وإذا كان كذلك فانحصر الاستلزام في الذهن.
قال العطار: (لا يخفى أن الاستلزام ظاهرٌ في القياس العقلي).
العالم متغيِّر وكل متغيِّر حادِث، هذا قياسٌ عقلي لفظي. كيف قياس عقلي لفظي؟
لفظي لأنك تنطق به وتكتبه، وقياس عقلي لأن مدلوله في الذهن .. رتَّبته في الذهن: العالم متغيِّر، أدركتَ الموضوع والمحمول، وكل متغير حادث أدركت الموضوع والمحمول، أدركت الترابط بينهما .. هذا كله في العقل.
حينئذٍ هذا قياسٌ عقلي؛ لأنه جاء بالنظر العقلي، وأما إذا تلفَّظت به صار قياساً لفظياً، والذي استلزم هو الذي في العقلي.
قال هنا: (لا يخفى أن الاستلزام ظاهرٌ في القياس العقلي، وأما اللفظي ففيه إشكال؛ لأن التلفظ بالدليل لا يستلزم المدلول.
وأفاد السيالكوتي أنَّ تلفظ الدليل يستلزم التعقُّل بالنسبة إلى العالِم بالوضع.
بمعنى: أن التلفظ آلةٌ لملاحظة ذلك المتعقَّل بالنسبة إلى العالِم) وهو ما يمر معنا دائماً: دال المعقول.