ثم هل هو مشترَك أو مجازٌ في الملفوظ أو متواطئ؟ هذا محل نزاع، والأمر فيه واسع.
قال: (مُؤَلَّفٌ) قيل: مستدرَك هذا (مُؤَلَّفٌ) لأنَّ: (قَوْلٌ) و (مُؤَلَّفٌ) بمعنًى واحد.
(قيل: مستدرَكٌ لأن المؤلَّف مرادفٌ للقول في اصطلاحهم، وإنما ذُكر في التعريف توطئة ليتعلق به قولُه: مِنْ أَقْوَالٍ).
حينئذٍ (مُؤَلَّفٌ) هذا هو بمعنى القول، ما الفرق بينهما؟ لا فرق بينهما، فالمؤلَّف هو المركَّب التام معقولاً أو ملفوظاً، وكذلك القول هو المركَّب التام معقولاً أو ملفوظاً.
إذاً: لماذا ذكر هذه اللفظة وهي مرادفة للقول؟ نقول: توطئة، بمعنى أنه يجعلُه متعلَّقاً لقوله: (مِنْ أَقْوَالٍ) تمهيد.
(مُؤَلَّفٌ إنما ذُكر ليتعلق به قوله: مِنْ أَقْوَالٍ، وإلا فقوله: قَوْلٌ مغنٍ عنه).
(مِنْ أَقْوَالٍ) (منْ هذه تبعيضية فلا يَحتاج لتأويل الأقوال بما فوق الواحد يعني: باثنين، وقد قيل: كل جمعٍ يُذكر في التعريف مرادٌ به ما فوق الواحد).
إذا قيل: (مِنْ أَقْوَالٍ) المراد به القولان فأكثر، والمراد بالقول هنا القضية والمقدِّمة .. مقدمتين فأكثر.
فحينئذٍ (مِنْ أَقْوَالٍ) ظاهرُه أنَّ أقل الجمع ثلاثة، حينئذٍ لا يتألف القياس إلا من ثلاث مقدِّمات، هل هذا مراد؟ الجواب: لا.
فحينئذٍ نقول: مِنْ تبعيضية أو نقول: في استخدام هذا الفن كثيراً ما يُطلق الجمع ويُراد به الإثنان، وحينئذٍ (مِنْ أَقْوَالٍ) يُفسَّر بالقولين.
(وقد قيل: كل جمعٍ يُذكر في التعريف مرادٌ به ما فوق الواحد.
والمراد بأقوال هنا القضايا صادقةً كانت أو كاذبة) يعني: لا يُشترط فيها الصدق، ولذلك أطلقها.
قال: (قولين فأكثر) فأكثر هذا أراد به أن الجمع هنا ما فوق الواحد.
(إشارة إلى أنه أراد بالجمع ما زاد على واحد، ضرورةَ صحةِ تأليف القياس من مقدمتين.
(مَتَى سُلِّمَتْ) يعني: هذه الأقوال.
(مَتَى سُلِّمَتْ) هذه الأقوال (لَزِمَ عَنْهَا لِذَاتِهَا قَوْلٌ آخَرُ).
(مَتَى سُلِّمَتْ) يدخل فيه القياس الصادق والمقدِّمات.
(كقولنا: كل إنسان حيوان وكل حيوان جسم) كل إنسان جسم.
(والكاذب المقدِّمات كقول القائل: كل إنسانٍ فرس) هذه كاذبة (وكل فرسٍ صهَّال) هذه صادقة.
(لأن القياس من حيث هو قياس إنما يجب أن يؤخذ بحيث يشمل البرهاني والجدلي والخَطابي والسفسطائي، والشعري) فيعُم جميع الأدلة الآتية.
فيدخل فيه الشعر، ويدخل فيه الجدل وهو نوعٌ من أنواع الأدلة عندهم، وكذلك يدخل فيه البرهان، والخَطابة .. ونحوها، فلا بد من التعميم.
وبعضها مشتملٌ على قضايا كاذبة قطعاً كالسفسطة فيها قضايا كاذبة، يقول: هذا فرسٌ. ثم يبني عليه، نقول: القضية هذه الصغرى كاذبة.
إذاً: قوله: (مَتَى سُلِّمَتْ) فيه إشارة إلى أن القضايا هذه لا يُشترط فيها أن تكون صادقة. يعني: المقدمتان فأكثر قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة، فشمل حينئذٍ كل قياس. فيُنظر إليه من هذه الحيثية.
(مَتَى سُلِّمَتْ) أي: الأقوال (لَزِمَ عَنْهَا لِذَاتِهَا).
قال هنا: (لَزِمَ عَنْهَا لِذَاتِهَا أي: لزوماً ذهنياً.