أجذمُ بالذال المعجمة، وهو في اللغة مقطوع الأنف يسمى أجذم.
والكلام من باب التشبيه البليغ أو استعارةٌ على مذهب السعدي في نحو: زيدٌ أسد، فهو أجذم يعني: فهو كالأجذم، التشبيه البليغ يحذف ذات التشبيه، حينئذٍ فهو أجذم أي: فهو كالأجذم هذا التشبيه.
أو استعارة مثل: زيدٌ أسدٌ.
وقوله: (أي: مقطوع البركة) بيانٌ لما آل إليه المعنى؛ لأن قوله: (فهو أجذم) هذا مقطوع الأنف، وهو ليس مقطوع الأنف وإنما المراد به التشبيه.
ما المراد هنا؟
(كل أمرٍ ذي بالٍ) الذي لا يبدأ بالبسملة ما شأن هذا الأمر الذي هو ذو بال؟ نقول: ما شأنه؟ أنه ناقص البركة، مقطوع البركة.
ولذلك قال: وهو وإن تم حساً إلا أنه ناقصٌ من جهة المعنى. يعني: لا يكون فيه بركة، إذا لم يكن فيه بركة يكون عنه الانصراف، فلا يشتغل به الناس.
إذاً: مقطوع البركة هذا تفسيرٌ من المصنِّف، ولذلك قال: (أي) لأنه فسَّر لفظاً مفرداًً (أجذم. أي: مقطوع البركة).
ويحتمل أنه فسَّر مركباً؛ لأنا قلنا: (فهو أجذم) تشبيه بليغ هنا إلى أي شيءٍ يئول؟ إلى كونه ناقص البركة، وحينئذٍ يحتمل الوجهين، وقلنا بعضهم يتوسع في (أي).
إذاً: قوله: (أي: مقطوع البركة) هذا بيانٌ لما آل إليه المعنى.
وفي روايةٍ أخرى للحديث السابق: (بحمد الله) يعني: كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه بحمد الله، وفي رواية: (بالحمدُ لله) بالرفع. رواه أبو داود وغيره وحسَّنه ابن الصلاح وغيره.
والحديثان ضعيفان كما هو معلومٌ في محله، قوله: حسَّنه ابن الصلاح وهو لا يرى التصحيح قيل: نقَل تحسينه، وقيل: إنما يمنع التصحيح دون التحسين.
هذا أو ذاك غلقُ باب التحسين والتصحيح هذا غير مسلَّم عند أهل العلم، سواء حسّنه ابن الصلاح أو غيره فالحديث فيه ضعف.
لكن العمل بهما من حيث المعنى من أدلة أخرى ثابت، لا يلزم أنه إذا ضعف الحديث قلنا: حديث ضعيف، أن مدلول الحديث الضعيف ألا يكون ثابتاً بحديثٍ صحيح.
ولذلك جاء أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في صحيح البخاري: {بسم الله الرحمن الرحيم إلى هرقل عظيم الروم .. }.
بدأ رسالته بالبسملة، وبدأ في خطبة النكاح بالحمدلة، وكذلك جرى عليه الصحابة والتابعون والأئمة .. إلى آخره، بل قال الشافعي: يستحب لكل دارسٍ ومدرسٍ وخطيبٍ وخاطبٍ .. إلى آخره أن يبدأ بالحمدلة، دل ذلك على أن الحكم ثابت، ولكن هم يتوسعون في العمل بالحديث الضعيف، أنه في مقام الأعمال التي هي ليست بإيجابٍ ولا تحريم، والعمل بالحديث الضعيف في مثل هذا مقبولٌ عندهم، الصواب المنع منه.
قال: (نَحْمَدُ اللهَ) بعدما بدأ بالبسملة ثنى بالحمدلة.
قلنا: تُورد في مقدمات الكتب ثمانية أشياء .. مقدمة الكتاب تشتمل على ثمانية أشياء:
أربعة واجبة وهي: البسملة، والحمدلة، والشهادتان، والصلاة والسلام على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأربعة مستحبة: أما بعد، تسمية نفسِه، تسمية كتابِه، براعة الاستهلال. هذه أربعة.