بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أَمَّا بَعْدُ:
فلا زال الحديث فيما يتعلق بباب القضايا، والقضايا جمعُ قضية، وعرَّفها المصنف بأنها (قَوْلٌ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِقَائِلهِ إِنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ أَوْ كَاذِبٌ) يعني: فيه.
ثم قسَّم القضية إلى حملية كقوله: زيدٌ كاتب، وإلى شرطية.
القضية: إما حملية وإما شرطية، وعرفنا الفرق بينهما.
ثم قسّم الشرطية إلى: متصلة ومنفصلة، وعرفنا الفرق بينهما.
ثم بيّن أن القضية لها ثلاثة أجزاء: الجزء الأول: الحملية يسمى موضوعاً.
الثاني: محمولاً، والثالث: النسبة الواقعة بينهما.
ثم قسَّم القضية باعتبار إيقاع النسبة وانتزاعها، إيقاع النسبة يعني: إدراك وقوع النسبة.
والنسبة -المراد النسبة الكلامية- أي: موافقتُها للنسبة الواقعية، وانتزاعها أي: إدراك أن النسبة الكلامية ليست واقعة، ولا موافقةً للنسبة الواقعية، قسَّمها إلى قسمين: إما موجبة وإما سالبة.
ثم قال: (والموجَبة إما محصَّلة وإما معدولة).
ثم قال -المحل الذي وقفنا عنده-: (وكلٌ منهما إما مخصوصةٌ كما ذكرنا وإما كُلّيّة) كلٌ منهما هذا يتعلق البحث بتقسيم الموجبة والسالبة.
(وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) أي: من الموجبة والسالبة.
(إِمَّا مَخْصُوصَةٌ) يعني: إما تسمى مخصوصة.
(كَمَا ذَكَرْنَا) يعني: في المثالين كما قال الشارح هنا: (كما ذكرنا في المثالين المذكورين) أي: زيدٌ كاتب، زيدٌ ليس بكاتب.
لما قال: تنقسم النسبة بحسب انتزاعها قال: موجبة وسالبة. زيدٌ كاتب، زيدٌ ليس بكاتب. هذه يسمى مخصوصة.
(في المثالين المذكورين) أي: زيدٌ كاتب، زيدٌ ليس بكاتب (آنفاً) أي: قريباً، بالمد -مدِّ الهمزة- وكسر النون (آنِفاً) أي: قريباً.
ثم قال: (وسُمِّيت مخصوصة لخصوص موضوعها) يعني: كونِه خاصاً لا يقبل الاشتراك كزيد .. زيدٌ كاتب، وهذا عالم، وأنا قائم.
يعني: مر معنا أن المفرد إما كُلّي وإما جزئي، الجزئي هو المراد هنا .. بأن يكون الموضوع هنا جزئياً بمعنى أنه لا يقبل الاشتراك، هذا معنى الخصوصية.
وسُمّيت مخصوصة لخصوص موضوعها ما يقابل الكلِّي، يعني: كونه خاصاً لا يقبل الاشتراك كزيد، زيد قلنا هذا جزئيٌ وهو محل وفاق علم شخصي، زيدٌ كاتبٌ، هذا قلنا اسم الإشارة جزئيٌ من حيث الاستعمال، وإن اختُلف فيه من حيث الوضع، هذا عالمٌ وأنا "ضمير" قائمٌ.
إذاً: أسماء الأعلام الشخصية جزئية، وكذلك أسماء الإشارة والضمائر، هذا الصحيح أنها جزئية وخاصةٌ من جهة الاستعمال.
حينئذٍ إذا صُدِّرت الجملة بها نقول: هذه جزئية، هذه مخصوصة. أو تسمى شخصية.
(وسُمّيت مخصوصة لخصوص موضوعها).
قال العطار: (أو لاختصاص حُكمها).
يعني: إما أن يُنظر إلى الحكم بأنه ليس كلياً، أو يُنظر إلى الموضوع ولا إشكال، كلاهما متلازمان.