إذا كان الموضوع خاصاً لزم منه أن تكون النسبة خاصة، وإذا كانت النسبة خاصة لزم منه أن يكون الموضوع خاصاً لا ينفك أحدُهما عن الآخر، فسُمّيت مخصوصة إما لخصوص موضوعها، أو لاختصاص حُكمها؛ لأن الكُلّيّة والجزئية كذلك مدارُ النسبة.
(ويقال لها) يعني: تسمى مع كونها مخصوصة.
(ويقال لها) يعني: للمخصوصة (شخصيةٌ) أيضاً كما يقال لها: مخصوصة، لماذا؟
(لتشخُّص موضوعِها أي: تعيُّنه وكونِه جزئياً حقيقياً، فدَخل فيه سائر المعارف) كما مثَّل المحشِّي هنا: زيدٌ كاتب، هذا عالمٌ، أنا قائمٌ .. هذه كلها نقول: شخصيات وهي كذلك مخصوصات لكون الموضوع فيها شخصياً جزئياً، ولكون كذلك الحكم فيها مختصاً .. اختصاص حُكمها.
(ويقال لها شخصية لتشخُّص موضوعها أي: تعيُّنِه وكونه جزئياً حقيقياً، فدخل فيه سائرُ المعارف) هذا النوع الأول يسمى مخصوصة.
(وإما) هذه مقابل للمخصوصة.
(وَإِمَّا كُلِّيَّةٌ مُسَوَّرَةٌ) نعتٌ لها (مُسَوَّرَةٌ) (أي: مشتملةٌ على السُّور الكلِّي الدال على الحكم على كل فردٍ من أفراد موضوعها الكلِّي).
(كُلِّيَّةٌ) يعني: موضوعُها كُلّي، يقابل المخصوصة.
(مُسَوَّرَةٌ) يعني: أحاط بها لفظٌ، هذا اللفظ يسمى سوراً "وسيأتي تعريفه" يدل على أن الحكم منزَّلٌ مُنصبٌّ على كل فردٍ من أفراد الكلي.
فإذا قلت: كل إنسانٍ حيوان، إنسان قلنا هذا كُلّي؛ لأنه يقبل الاشتراك -ما أفهم اشتراكاً- حينئذٍ إنسان كُلّي.
الإنسان حيوان، حيوان هذا محمول، تقول: كل إنسانٍ.
الإنسان حيوان هذه كُلّيّة، وهي مهملة كما سيأتي، حينئذٍ إذا أَدخلتَ عليها السور الكلِّي "كلُّ إنسانٍ حيوانٌ" هذه كُلّيّة مسورة وهي المعنية هنا.
قال: (وَإِمَّا كُلِّيَّةٌ مُسَوَّرَةٌ) إما بسُورٍ كُلّي أو جزئي كما سيأتي.
(مُسَوَّرَةٌ) (أي: مشتملة على السور الكلِّي) فائدة السور هذا الكلِّي: (الدال على الحكم على كل فردٍ من أفراد موضوعها الكلِّي).
"كل إنسانٍ حيوان" يعني: زيدٌ حيوان، وعمروٌ .. وهكذا، فيصدُق الحكم بالمحمول على جميع الأفراد، بحيث لا ينفك عنه واحدٌ من أفراد الموضوع كما هو الشأن في العام، فيتبَع الحكم كلَّ فردٍ من أفراد الكلِّي، الذي دل على هذا العموم في جميع الأفراد هو السور الكلِّي.
قال: (وَإِمَّا كُلِّيَّةٌ مُسَوَّرَةٌ:
كَقَوْلِنَا) في الموجَبة: (كُلُّ إِنْسَانٍ كَاتِبٌ) يعني: كاتب هذه قد تصدُق وقد تكذب، كل إنسانٍ كاتب بالفعل؟ لا ليست صادقة، كل إنسانٍ كاتب بالقوة؟ صادقة.
إذاً: كل إنسانٍ كاتب يعني: كل فردٍ من أفراد الموضوع يصدُق عليه أنه كاتبٌ بالقوة.
هذه نقول: كُلّيّة مُسورة بسورٍ كُلّي، وهذا السور الكلِّي دل على الحكم على كل فردٍ من أفراد موضوعها الكلِّي، ثم هي موجَبة.
كيف هي موجبة؟ لأنه لم يتقدم عليها سور السلب، وسينصُّ على النوعين، كيف نعرف أن هذا السور للإيجاب وهذا السور للسلب. لهم اصطلاحات خاصة عندهم.
قال: (كُلُّ إِنْسَانٍ كَاتِبٌ) هذه موجَبة وهي كُلِّيّات مسورة بسورٍ كُلّي.
(وَ) في السالبة (لاَ شَيْءَ مِنَ الْإِنْسَانِ بِكاتِبٍ).