الأقوال التامة يعني بها: المسند والمسند إليه، يعني: الجملة الاسمية والجملة الفعلية. يعني: ما يسمى كلاماً في اصطلاح النحاة: اللفظ المركّب المفيد بالوضع، المسند والمسند إليه، أو إن شئت قل: الإسناد الخبري التام.
والأقوال الناقصة المراد بها: كل ما لم يكن إسناداً خبرياً تاماً، فحينئذٍ يدخل فيه الناقص الذي هو الكلِم -بعض الكلام-، ويدخل فيه المركَّب التوصيفي، والإضافي .. ونحو ذلك.
هذه مركّبات لكنها مركّبات ناقصة؛ لأنها غير محمولة على موضوعات، وإنما هي مركباتٌ في أنفسها.
قال: (يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِقَائِلهِ) يعني: المتكلم به.
(إِنَّهُ) أي: قائله.
(صَادِقٌ فِيهِ) يعني: في القول (أَوْ كَاذِبٌ) فيه. على الحذف والإيصال، محذوف هو لكن نقدِّره.
(صَادِقٌ فِيهِ) أي: في القول (أَوْ كَاذِبٌ) يعني: فيه.
(أَنْ يُقَالَ لِقَائِلهِ) اللام في قوله: (لِقَائِلهِ) بمعنى عن يعني: يقال عن قائله، لا يلزم أن يقال لقائله مباشرة تباشِره، فإذا لم تباشره حينئذٍ لا يصح لا، المراد عن قائله سواء باشرته أم لا هذا المراد هنا.
(صَادِقٌ فِيهِ أَوْ كَاذِبٌ).
قال هنا: (الصدق والكذب صفتا القضية، واشتهرا بمطابقة الخبر).
(اشتهرا) يعني: الصدق والكذب.
(بمطابقة الخبر للواقع) وهذا في الصدق (وعدم مطابقة الخبر للواقع) هذا في الكذب.
(وصادق وكاذب صفتان للمتكلم).
الإخبار عن الشيء على ما هو عليه هذا صادق، والإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه هذا كاذب.
قال هنا: (قوله: يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِقَائِلهِ. فصلٌ مخرجٌ الأقوالَ الإنشائية) كما صرّح المصنف هنا.
(خرج به) أي: بهذا القيد الذي هو: (يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِقَائِلهِ إِنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ أَوْ كَاذِبٌ) هذا قيد.
(قَوْلٌ يَصِحُّ) هذان قيدان: الأول جنس، والثاني يعتبر فصلاً وليست هي فصول متعددة.
إذاً: (قَوْلٌ يَصِحُّ) هذا قيدٌ.
(خرج به) يعني: بقوله: (يَصِحُّ).
(الأقوال الناقصة) لأن قوله: (يُقَالَ لِقَائِلهِ إِنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ) هذا إنما يكون جواباً للإسناد الخبري التام. إذاً خرج به الأقوال الناقصة.
(والإنشائيات) كالأمر وما عُطف عليه؛ لأنه لا يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب، وهذا الميزُ بين الأمرين.
الكلام إما خبرٌ وإما إنشاء، فالخبر: ما صح أن يقال لقائله إنه صادق أو كاذب، أو إن شئت قل: محتملٌ للصدق والكذب لذاته. يعني: يقال صِدق ويقال كذِب.
والصدق المراد به: مطابقة الخبر للواقع.
والكذب المراد به: عدم مطابقة الخبر للواقع.
الإنشاء: ما لم يكن كذلك، كالأمر مثلاً فإنه لا يقال لقائله: صدقت أو كذبت، أو يقال إنه صدق أو كذِب؛ لأنه لم يقع أصلاً.
"قُم" مدلولُه طلبُ حدثٍ في المستقبل، وإنما يوجَّه الصدق والكذب لشيء وقع وحصل، ولذلك من أبرز ما يميَّز به الخبر والإنشاء أن يقال: الخبر عن شيءٍ مضى .. وقع وحصل، وأما الإنشاء فلم يكن.
فيُنظر في مدلول الجملة هل وقع الحدث أم لا؟ إن وقع الحدث حينئذٍ يكون خبراً، وإن لم يقع كما هو الشأن في الاستفهام، والتمني، والتعجب .. ونحوها. فنقول: هذا يسمى إنشاءً.
ولذلك قال: (خرج به الأقوال الناقصة والإنشائيات).