"حيوانٌ ناطق" هذا مركَّب توصيفي وليس بمركب تام، ولذلك قلنا: لا يصح التعريف إلا أن يُعتَقد حمله على المعرَّف: الإنسان حيوانٌ ناطق "ما يستلزم معرفتُه معرفتَه" قلنا: لا بد من قيد؛ لأن هذا ظاهرُه أن التصور يكفي في حصول التعريف، وليس الأمر كذلك، بل لا بد من اعتقاد حملِ المعرِّف على المعرَّف، بمعنى أنه مسنَد ومسنَد إليه، محكومٌ ومحكوم عليه.
حينئذٍ القول هناك صدضق على المركَّب الناقص، وهذا شائع عند كثير من المناطقة وإن خصَّه بعضهم بالمركب التام.
ولذلك قال هنا: (وصرَّح القطب في شرح الشمسية بأن القول موضوعٌ للمركب التام) على قول.
(دخل فيه الأقوال التامة والناقصة).
القول كما مر معنا أنه قد يكون ملفوظاً وقد يكون معقولاً، ولذلك القول المركَّب يدخل هنا في هذا القيد (قَوْلٌ) يدخل فيه القول المركّب سواءٌ كان ملفوظاً أو معقولاً، هذا في الأصل.
(فهو مشترَكٌ لفظي أو حقيقة في المعقول مجازٌ في الملفوظ) هذان قولان.
مشترَك لفظي لأنه يُحمل على المعقول ويُحمل على الملفوظ، أو نقول: باعتبار الفن أن بحثَه في الأصل هو في المعقولات، فحينئذٍ يكون حقيقة في المعقول مجازاً في الملفوظ؟ الثاني أوجَه وأوفَق كما قال العطار.
قال: (فهو مشتركٌ لفظي أو حقيقةُ في المعقول مجازٌ في الملفوظ. تسميةً للدال باسم المدلول، والثاني) وهو كونه حقيقة في المعقول مجازاً في الملفوظ.
(والثاني أنسبُ بنظر الفن وأوفق بقاعدة الأصول.
وكذا القول في القضية أي: إطلاق لفظ القضية على المعقول والملفوظ، فإن كان المقصود تعريفَ القضية المعقولة -كما هو الظاهر- يُحمل القول على المعقول) قضية معقولة قضية ملفوظة، قلنا الأصل هو المعقولات، ولا نحتاج إلى الألفاظ إلا في التعبير لما وقع في النفس.
يعني: الإِفهام والتفهيم كما مر معنا، وأما الإنسان في نفسه إذا رتّب أمرين معلومين أراد أن يصل إلى النتائج بالمجهولات، هذا لا يحتاج إلى لفظ. حينئذٍ القضية تكون عنده -المسند والمسند إليه- تكون معقولة، أمر يستحضره في نفسه ويُنتج وانتهى الأمر، فلا يحتاج إلى لفظ.
حينئذٍ ما دام أن أصل بحث المناطقة في المعقولات، فحينئذٍ صار الأصل في القول هو المعقول، وصار الأصل في القضية هو المعقول.
فاستعمال القضية في الملفوظ فرع، واستعمال القول في الملفوظ يعتبر فرعاً، هذا الذي قرره هنا.
(يُحمل القول على المعقول، وإن كان المقصود تعريف القضية الملفوظة يُحمل على القول الملفوظ، وحينئذٍ فالمعرَّف هاهنا إما القضية المعقولة أو القضية الملفوظة.
وتعريف أحدهما يُغني عن تعريف الآخر؛ لأن المعقول مدلولةً للملفوظة فتعريفُها تعريفُها) لكن الظاهر أنه أراد به الملفوظ؛ لأنه قال: (يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِقَائِلهِ) يعني: المتكلم به.
إذاً: خرج عن كونه معقولاً فصار ملفوظاً.
فالمراد بالقضية: الملفوظة، وبالقول: المركّب الملفوظ. لكن يكون مجازاً.
قال: (قولٌ دخل فيه الأقوال التامة والناقصة).