ثم قدرٌ مشترك موجودٌ ولا يُنكره إلا إنسان مكابر، عبَّرت عنه بالجنس أو بغيره لا إشكال فيه، ولذلك نقول: إجماع الصحابة على أن أعمال الجوارح داخلةٌ في مسمى الإيمان، والقول بأنه شرط كمال هذا قول المرجئة "مرجئة الفقهاء" وإلا ماذا أنكر السلف على أبي حنيفة؟ أنكروا عليه هذا.

ولذلك أبو حنيفة يرى أن أعمال القلوب داخلة عنده، وإلا صاروا من المرجئة الغلاة، وبالأمس كان واحد يقول لي: الإيمان هو التصديق، هذا ليس صحيح، كيف الإيمان هو التصديق؟ هذا رأي الجهم.

على كلٍ يُنظر فيها بهذه الاعتبارات، يعني: استعمالها لا إشكال فيه ولو في الشرعيات، وإنما وقع في التعريف .. الشُّبهة هنا يقول لك: السلف ما قال: جنس.

طيب. السلف ما قال: صفات ذاتية، وصفات معنوية، وصفات منفكة، وصفات لازمة .. ما قالوا هذا الكلام.

وإنما نأتي بهذه التعبيرات من أجل إيصال الحق فقط، وحينئذٍ نقول: لا يُشترط أن نعبِّر بما عبّر به السلف في الشرح.

وأما في ضبط الحقائق والتعاريف هنا إجماعٌ على هذه الصيغة.

قال رحمه الله تعالى: (وإنما كانت هذه التعريفات) ..

لما انتهى مما يتعلَّق بقضية تعريفات، قال: (وإنما كانت هذه التعريفات رسوماً للكُلِّيّات؛ لجواز أن يكون لها ماهيّات وراء تلك المفهوم).

يعني: محل الخلاف هنا: لماذا قلت: (وَيُرسَمُ) لماذا لم تقل: يُحدُّ؟

لأن الحد يتعلق بالذاتيات، والرسم يتعلق بشيءٍ خارج عن الذاتيات .. بالأثر.

هل قولك: (يُرسَمُ) فراراً عن كون هذه الكُلِّيّات لا تُحد أم لا؟ هذا محل النزاع.

هل لها حدود أم لا؟

هو وافق كثير من المناطقة يقول: يرسم، ويرسم .. إلى آخره.

إذاً: ما قلت: يُحد، لو كان يُحد بالذاتيات بالجنس والفصل، إذاً: الذي مر معنا ليس جنس وفصل، لا يقال: هذا جنس وهذا فصلٌ؛ لأن هذا حقيقة الحد وإنما قال: يُرسم يعني: كلها خواص أو فصول.

هنا قال العطار: هذا شروعٌ في توجيه قول المصنف كغيره من المناطقة في تعريف الكُلِّيّات: وَيُرسَمُ بكذا، أو الاعتذار عن ذلك.

التوجيه أو الاعتذار، إن أخطأ نعتذر، على القاعدة عندهم لا يمكن أن تقول: هذا أخطأ، لا بد أن توجِّه، الأَولى كذا .. إلى آخره، هذا نمَط لهم.

قال: أو الاعتذار عن ذلك، وتزييف هذا الاعتذار، فليس الإتيان بقيل للتضعيف بل للنقل.

(قيل: وإنما كانت هذه التعريفات) هل قيل هنا للنقل عن غيره أم للتضعيف؟

يقول: لا. ليس للتضعيف، بل هي للنقل، أراد أن ينقل عن غيره فعبَّر بقيل.

لأن هذا الكلام شهيرٌ بينهم في هذا المقام، بعد أن يذكروا هذه التعريفات يأتون بهذه المسألة: هل هذه التعريفات حدود أو رسوم؟

حينئذٍ قوله: قيل ليس تضعيفاً، إنما هو لبيان شيءٍ اشتهر عند المناطقة.

قال الإمام في الملخَّص "هو الذي وصفه بالإمام" قال الإمام في الملخَّص: اختلفوا في أن هذه التعريفات حدودٌ أو رسوم؟

والمشهور أنها رسوم.

فإنهم يقولون: الجنس يُرسَم بكذا، والنوع بكذا، لكن الحق أنها حدود ..

هذا قول الإمام، إذا قيل الإمام المراد به: الرازي.

لكن الحق أنها حدود؛ إذ لا ماهيّة للجنس وراء هذا القدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015