حينئذٍ بعض أعمال الجوارح داخلة قطعاً، ما هو المعيَّن هذا؟ معيَّن أو غير معيَّن؟ هو شائع في الأركان الخمسة مثلاً، فلا بد أن يوجد ممن يدعي الإيمان يوجد منه إما صلاة وإما صيام وإما زكاة وإما حج، بعضهم حصرها في هذه الأركان الخمسة "أركان الإسلام" {بُني الإسلام على خمس} وهذا واضح، أن غيرَها لا يُبنى عليها.

فحينئذٍ يأتي السؤال: ما هو هذا البعض؟

دل الدليل الخارجي على أن البعض محصورٌ في الصلاة؛ لأنه بإجماع الصحابة .. محلُ إجماع، الخلاف هذا خلافٌ حادَث لا يُلتفَت إليه، وإن كان أكثر أهل العلم المتأخرين على أن الصلاة فيها خلاف ويحكون .. إلى آخره قال مالك .. قال، مع تقديرنا لأهل العلم واحترامنا وكذا إلا أن هذا الخلاف خلافٌ حادِث.

لأنك لو طبَّقت ما ذكره الأصوليون، ومما يدَّعيه كثير من الفقهاء الذين لا يُكفِّرون تارك الصلاة لوجدنا أن ضابطة إجماع ظُهُورُه في تكفير تارك الصلاة أظهر من ظهوره في أشياء أخرى ادعوا فيها الإجماع، ولذلك عشرات بل مئات المسائل قال به ابن عمر ولا يُعرَف له مخالف فقط، وهنا عندنا عشرة بل أكثر، صحَّت الأسانيد على أنهم نصوا على أن من لم يصل فهو كافر. بهذا التعبير.

بل قال عمر رضي الله تعالى عنه فيما صح عنه حتى البخاري يصحِّح يقول: لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة .. لا حظ له في الإسلام.

قال بعضهم: لا حظ كامل، هذا كذب على عمر رضي الله تعالى عنه، هذا ليس باجتهاد هذا كذب، لماذا؟ لأن هذه التأويلات ومعرفة ما يُنزَّل عليه النفي تُعَامل بها نصوص الوحيين، ليس في كلام عمر ولا أبي بكر؛ لأنه يحتمل، ما نقول: لازم الحق حق ..

هو في ذاته حقٌ أم لا؟ هذا محل نزاع، هل هو حُجة أم لا؟

لكن هنا نُقل عن عمرو بن العاص، ونُقِل عن عبد الله بن عمرو وابن عمر ومعاذ وغيرهم، وحكى ابن حزم إجماع الصحابة على ذلك.

فحينئذٍ نقول: هذا الجنس يدل على بعض، وهذا البعض معيّن وقد أجمع عليه الصحابة فيتعيّن، حينئذٍ قولٌ باللسان، اعتقادٌ بالقلب أو عملٌ بالقلب مع الصلاة.

بعضهم يُنكر "هذا الشاهد هنا" يقول: الجنس هذا ما قال به الصحابة، نحن لم ندخله في التعريف، يعني: حرِّك ذهنك قليلاً، الأمور ما تحتاج إلى غباء.

نقول: نحن ما أدخلناه في التعريف، هل شرحُ الصلاةِ توقيفي؟ هل شرح الإيمان توقيفي؟ هل شرح أعمال ما يكون في الآخرة توقيفي؟ لا. ليس توقيفي.

عندنا أصول نذكرها كما هي، ثم إذا أردنا أن نعبِّر فنعبِّر بما يوافق الشرع، ثم التعبيرات الألفاظ هذه لا يُشترط فيها التوقيف، قلنا جنس، قلنا بعض مبهم، قلنا شيء غير معيَّن. هذا أو ذاك لا إشكال فيه.

فالوقوف مع هذه المسألة أنَّ السلف لم يعبِّروا بالجنس، ثم ماذا يقولون؟ يقولون: شرط كمال، نقول: السلف ما قالوا شرط كمال.

هذا يقول شرط كمال! من أين جئتم بالجنس هذا؟ هذا من الأمور الدخيلة من المتكلمين، ثم يقول: شرط كمال! من قال: شرط كمال؟ تقلِب عليهم الدليل.

إذاً: القول بأنه جنس تفهَم ما المراد به، أنه قدرٌ مشترك موجود في الأمور الحياتية .. الإنسان مع غيره، في أمور العلم، في الشرعيات. لا إشكال فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015