ليس له ماهيّة إلا هذا المذكور، لو قلت: هذا تعبير ثُم ثَمَّ شيءٌ آخر وراء هذا التعريف لقيل: ثَم مفهوم وثَم حقيقة .. ماهيّة. فهل يصدق المفهوم على هذه الحقيقة؟ نعم.

لكن هو يقول: لا. ليس عندنا الجنس إلا هذا المذكور، فحينئذٍ صار حداً، لو كان هذا المفهوم والمذكور عندنا مقول ٌعلى كثيرين، هذا المفهوم شيءٌ آخر غير الماهيّة، فحينئذٍ صح أن يقال: بأن هذا رسم وليس بحقيقة، لكن هو عينه. وإذا كان كذلك فهو حدٌ لا رسم.

يقول: (اختلفوا في أن هذه التعاريف حدود أو رسوم، والمشهور أنها رسوم.

فإنهم يقولون: الجنس يُرسم بكذا، والنوع بكذا.

لكن الحق أنها حدود؛ إذ لا ماهيّة للجنس وراء هذا القدر، ضرورةَ أنا لا نعني بكون الحيوان جنساً إلا كونَه مقَولاً على كثيرين مختلفين بالحقائق في جواب ما هو).

هذا هو المراد: كونَه جنس، عندما تقول: الحيوان جنس ما المراد بالجنس؟

ليس عندنا حقيقة إلا كونُه مقولاً على كثيرين .. إلى آخر التعريف.

إذاً: صارت هذه الحقائق هي المعنِيَّة في التعاريف، فصار حداً لا رسماً، لو قلنا رسم لادَّعينا ثَم ماهيّة ونختلِف فيها، أين هذه الماهيّة، ما حقيقتها؟

إذاً: صارت هذه الألفاظ كالاسم مع المسمى، فهذه التعاريف كلها كالاسم إذاً: أين المسمى؟ هذا يحتاج إلى بحث، وهذا لا وجود له وإنما عينُ الجنس كونُه مقولاً على كذا.

ولذلك قال: (ضرورةَ أنا لا نعني بكون الحيوان جنساً إلا كونه مقولاً على كثيرين مختلفين بالحقائق في جواب ما هو. واعترَضه الكاتبي) اعترض كلام الإمام هنا.

(واعترضه الكاتبي بأنا لا نسلِّم أنه لا ماهيّة للجنس وراء هذا القدر) يعني: هذا مفهوم، وثَم ماهيّة.

(لِم لا يجوز أن تكون المقولية الموصوفة بالصفات المذكورة عارضةً لمفهومٍ وراءها وهو الجنس؟) أين هو؟ هذا جوازٌ عقلي فقط، أما في الوجود فلا وجود له، هذا تجويزٌ عقليٌ فقط.

(وأجيب -بما ذكره الشارح هنا-: بأن الكُلِّيّات أمورٌ اعتبارية حُصِّلت -أو حصلت لا إشكال فيه- ووضعت أسماؤها بإزائها، فليس لها معانٍ وراء تلك المفهومات) ليس لها معنًى إلا هذا المفهوم.

(على أن عدم العلم بالحد لا يوجب الرسمية).

يعني: هذا تسليمٌ آخر، إذا ما علمت الحد وما عرفت أن تحد الجنس ولا النوع. لا يلزم منه أن يكون المذكور رسمي؛ لأنك إذا ما علمت تقول: ما أدري ما الحدُّ، يلزم له حدٌ لكن لا أدري ما هو.

نرجع إلى كلام المصنف قال: (وإنما قيل).

قلنا: (قيل) ليس للتضعيف وإنما للنقل؛ لشهرة الكلام في هذا الموضع.

(قيل: وإنما كانت هذه التعريفات) أي المتقدمة: للجنس والنوع والفصل والخاص والعرَض العام.

(رسوماً للكُلِّيّات) أي: كما صرَّح به المصنف في قوله: في جميعها ويُرسم. في الحاشية.

(للكُلِّيّات) يعني: الخمس، تنازَع فيه التعريفات ورسوماً.

(لجواز أن يكون لها ماهيّات) ماهيّات فاعل يكون، "لها" للكُلِّيّات .. الضمير يعود للكُلِّيّات.

(أن يكون ماهيّات) يعني: حقائق.

(لها وراء تلك المفهومات) المعاني التي ذكرها المصنف، جائز أو لا؟ قال: يجوز.

إذاً: الذي معنا التعريفات السابقة قال: يُرسم. هذه مفاهيم .. مدلُولات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015