(قَوْلاً عَرَضِيًا. فصلٌ مخرجٌ الجنس).
إذاً: خرج به يعني: بقوله: (قَوْلاً عَرَضِيًا) لأن الجنس يُحمَل على حقائق مختلفة.
إذاً: شاركه هنا .. اشتركا العرَض العام والجنس في كون كلٍ منهما يُحمل على حقائق مختلفة، لكن الجنس يختص بالحقائق المختلفة، ولا يصدُق على المتفقة بخلاف العرض العام، فإنه يصدُق كذلك على الحقائق المتفقة مع صِدْقه على الحقائق المختلفة.
(خرج به الجنس لأن قوله: على ما تحته ذاتيٌ لا عرضيٌ).
(لأن قوله: على ما تحته) يقصد به الذاتي (لا عرضي)، ولو قال ما ذكرناه لكان أحسن.
(والنوعُ) بالرفع عطفٌ على الجنس: والنوعُ والفصلُ والخاصة. هذا خرَج بقوله: (حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ).
(لأنها لا تقال إلا على حقيقة واحدة).
قال هنا في الشرح: (يقال في غير الجواب على ما أي: جزئيات.
تَحْتَ حَقَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ. فصلٌ مخرجٌ النوع والفصل والخاصة.
قَوْلاً عَرَضِيًا. فصلٌ مخرجٌ الجنس).
إذاً: ثَم شَراكة بين الجنس والعرض العام، وثَم فرقٌ بينهما، لكنه -على التفصيل الذي ذكرناه سابقاً- لا يقع جواباً أصلاً، وحينئذٍ لا يكون جواباً لـ"ما هو"، ولا لـ"أيُّ شيءٍ هو" لا في ذاته ولا في عرَضه.
أيُّ شيءٍ هو في ذاته؟ أيُّ شيءٍ هو في عرَضه .. ما هو؟
حينئذٍ لا يقع جواباً لواحدٍ من هذه الأمور.
إذاً: بهذا الكلام انتهى ما يتعلق بالكُلِّيّات الخمس من حيثُ الضوابط العامة والتعاريف.
فائدتُها: أنك تحكم على اللفظ بعد أن تحكم عليه أنه كُلّي، متى تحكم عليه بأنه كُلّي؟ متى تقول: هذا اللفظ كُلّي أو جزئي؟ إذا أَفهم اشتراكاً.
تأتي للقاعدة السابقة إذاً: ما أفهم اشتراكاً كُلّيٌ، إذا تعقَّلَه الإنسان ولم يمنع الشرِكة فيه نقول: هذا كُلّي.
ثم بعد الحُكم عليه بكونه كُلّياً نأتي: هل هو جنس أم لا؟ فلا تأتي تُعبِّر عن اللفظ بأنه هل هو جنس أو نوع، دون أن تُثبت أنه كُلّي لا، أولاً: أثبت الأصل –العرش-، فحينئذٍ تقول: هو كُلّيٌ لأنه يصدُق على متعدد أو على أفرادٍ ويُحمل عليها حمل مواطئة. إذا أردت ما هو في الخارج، وإن أردتَ في الذهن تقول: يقبل الاشتراك.
ثم بعد ذلك: هل هو جنس؟ هل هو فصل؟ هل هو نوع؟ هل هو خاصة؟ .. إلى آخره، فيأتي التعريفات السابقة، فتحكم عليه أولاً: هل هو جزئي أم كُلّي، فإن حكَمت عليه بأنه جزئي استرحت، لا تقول: هذا جنس وهذا يحتمل، وتقع في إشكالات.
ثم بعد ذلك إذا أثبتَّ أنه كُلّي رجعت إلى هذه الضوابط: تُثبت أنه جنس أو فصل أو غيرها مما ذُكر؛ لأنه يأتي أن الحد التام لا يتألف إلا من جنس وفصل مثلاً، إذاً: لا بد أن تعرف ما هو الجنس؟ وما هو الفصل؟ وما فائدة الجنس؟ وعلى أي شيءٍ يصدُق الجنس؟ وإذا قيل: هذا جنس ما معناه؟ ولا إشكال فيه، هذا يُستعمل حتى في باب المعتَقد.
ولذلك المراد بالجنس: ما أفهم اشتراكاً.
حينئذٍ قول أهل السنة والجماعة في تعريف الإيمان: أنه قولٌ واعتقاد وعملُ الجوارح، ما المراد بعمل الجوارح؟ قالوا: الجنس، ما المراد بالجنس؟ أن ثَم قدراً مشتركاً بين أعمال الظاهر، بعضُها هل هو مبهم أو معيَّن؟ هذا محل نزاع، إن أثبتنا الخلاف هو الذي يكون داخلاً في حد الإيمان.