مقدِّمة الإمام مسلم تدل على أنَّ بينهم خلافاً في شروط الصحيح، وإن حُكِي الإجماع مع البخاري إذا قيل: بأنه ردَّ على البخاري أو على شيخه، إذاً: فيه خلاف .. الخلاف موجود، لماذا نقول: متقدمون ومتأخرون ونجعل المسألة فصل ومعارك، ووصل إلى تبديع ونحن كذا؟ هذا كله غلط، وهذا يدل على عدم تمكُّنِه في العِلم، هذا الذي أريده.
هذا يدل على عدم تمكنه في العلم، ولو كان يدَّعي أنه متخصص في الحديث مثلاً، ثم يقول: متقدمون ومتأخرون، وهذا يجب حرقُ الكتاب ولا يُنظر في كتب ابن حجر أو الذهبي .. ! هذا يدل على أنه ما فهم المصطلح أصلاً، فلا يُحسَب على هذا الفن إلا عند الأغبياء والحمقى، وإلا من أَدرك وعلم حقيقة العِلم، ما هو العِلم؟
جميع الفنون، جميع المسائل، الحلال والحرام وغيرها، المصطلحات العُرْفية وغيرها، منه ما هو متفق عليه ومنه ما هو مختلف فيه.
أنت تنظر إلى المسألة بهذا الاعتبار، إذا قيل: ابن حجر خالَف، أول سؤال: خالَف مَن؟ خالف إجماعاً أم خالَف خِلافاً؟ ما موقفُه من الخلاف؟ انتبهوا لهذه المسألة.
هنا يقول: المتقدمون والمتأخرون. هذا سبب الخروج.
ولذلك صار عند الطلاب يقول لك: النُّخبَة مشروحة على مَنْ؟ وبعضُهم يقول: ما نقرأ النخبة، وبعضهم: ما نقرأ المُوقِظة.
وبعضهم من أنصار المتقدمين ويشرح النخبة ما أدري هل هو تلبيس أو نسف أو رد .. كيف؟ حتى ما عندهم كتب للمتقدمين، ما عندهم إلا ابن رجب العِلل فقط، فأين التصنيف وأين .. ؟
المشاريع التي تُطلَب الآن بأن يُفصَل المتأخر عن المتقدم ويُرجَع بالمصطلح إلى المتقدم، ماذا نصنع الآن؟ يعني: فساد التصور، طيب ماذا نصنع؟
معناه إذا قيل بأن المصطلح انحرَف معناه يجب أن نتوقَّف؛ لأنه ما يجوز، كيف نحكُم أن هذا القول للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاله وهو ما قاله؟ معناه يجب علينا أن نقِف، فماذا نصنع؟ مشاريع ومؤتمرات واجتماعات ثُم ما رأينا شيئاً منها.
منذ عشرات السنين ما رأينا شيئاً منها، وإنما هي قُطافات تُكتب ورسائل .. إلى آخره.
هذا يدل على أن عندهم انحراف في فهم الفن أصلاً، وإلا هذا لا يقوله إنسان عقَلَ الفن بوجهه أن هذا الخلل يصادَم بمثل هذه الحرب العشواء، وإنما يُنظر في كل مسألة على حِدَة ولا يُلتبس عليك، ولذلك هجروا العراقي، والسيوطي، وابن حجر .. إلى آخره.
حتى بعضهم سمعته يقول: لا تقرأ التهذيب، ولا تهذيب التهذيب، ولا تنظر في النُّزهة، ولا في التدريب. عليك بتاريخ البخاري.
حتى لو جئنا لهذه المسألة، حثّ الطالب الذي يريد أن يدرس الحديث إلى أن يقرأ كتب المتقدمين، هذا ما يستطيع الطالب .. ما يستطيع أن يقرأ، لا بد أن يكون ثَم وسيلة.
يعني: يقرأ على ما عليه المتأخرون، وفي جملة ما اختاروه حق ولا إشكال فيه، وليس ثَم معارَضة كبرى للمتقدمين، ثم إذا برز وتكوَّن وصارت عنده أهلية أن ينظُر ويقارن بين الأقوال، فحينئذٍ يقرأ في أي كتاب، لا يقال: هذا متقدِّم وهذا متأخِّر.