لا. مقصودُه ابتداءً هو التقسيم، قسَّم لك ويُفهَم من التقسيم حدُّ الجنس أو النوع، ولذلك فهِمْتَ أنت من قوله: (وَإِمَّا مَقُولٌ فِي جَوَابِ مَا هُوَ .. ) إلى آخره، ما المراد بالنوع؟

إذاً: قوله: (وَيُرْسَمُ) هذا جملة اعتراضية يريد بها أن يُحِد هذا النوع الذي يسمى بالنوع.

(وَيُرْسَمُ) يعني: يعرَّف النوع.

(بِأَنَّهُ) أي: النوع (كُلِّىٌّ) عرفنا المراد بكلي.

"النوع كليٌ" هذا جنس دخل فيه سائر الكُلِّيّات.

(كُلِّىٌّ مَقُولٌ) عرفنا المراد بمقول أي: محمولٌ حملَ مواطئة بالقوة لا بالفعل.

(عَلَى كَثِيرِينَ) قلنا المراد بالكثيرين هنا وإن كان الجمع ليس على سنن القواعد اللغوية "لغة العرب"، لكن المراد بالكثيرين هنا في النوع الأشخاص والأفراد، وفي حد الجنس هناك المراد بالكثيرين: الأنواع. فرقٌ بين النوعين.

(مَقُولٌ عَلَى كَثِيرِينَ) أي: أفرادٍ.

(مُخْتَلِفِينَ بِالْعَدَدِ) أي: تعدُّد الذوات، هذا أحسن ما يقال في قوله: (مُخْتَلِفِينَ بِالْعَدَدِ دُونَ الحَقِيقَةِ).

العدد يعني: تعدُّد الذوات، وأما الحقيقة فهي معلومة يعني: الماهيّة.

إذاً: الكثرة مقولٌ على كثيرين، فحينئذٍ إما أن تكون هذه الكثرة متحدة في الحقيقة أو مختلفة.

إن كانت مختلفة فهو الجنس، وإن كانت متحدة فهو النوع. يعني: لو كان عندك إنسان وعندك جَمَل وعندك بقر. هذه ثلاثة حقائق مختلفة، هيئةُ وحقيقةُ وبنية الإنسان غير هيئة وبنية الجمَل .. مختلفان، وكذلك البقر، وكذلك القط .. ونحوها.

حينئذٍ نقول: هذه مختلفة الحقائق وهي متعددة، لكن زيدٌ وعمرو وبكر وخالد وهند وفاطمة .. هذه كلها متحدة الحقائق، والخلاف إنما هو في الأعراض العامة أو المشخِّصات.

إذاً: (عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ بِالْعَدَدِ دُونَ الحَقِيقَةِ) يعني: الحقيقة واحدة والاختلاف إنما يكون في العدد. يعني: تعدُّد الذوات.

(دُونَ الحَقِيقَةِ) يعني: دون تعدُّد الحقيقة، فهي واحدةٌ مشترَكة بينهم.

هذا فصْلٌ مخرج الجنس، ولذلك قال هنا: خرج به الجنس (بِالْعَدَدِ دُونَ الحَقِيقَةِ).

قوله: (مُخْتَلِفِينَ بِالْعَدَدِ) هنا لم يَخرج الجنس؛ لأن الجنس كذلك مختلف كثرة بالعدد، وأما اتفاق الحقيقة واتحاد الحقيقة هذا خاصٌ بالنوع، ولذلك قال: (دُونَ الحَقِيقَةِ) يعني: دون تعدد الحقيقة، بل هي واحد.

(فحينئذٍ خرَج به) أي: بهذا القيد الأخير وهو الحقيقة (خرَج به الجنس).

(فِي جَوَابِ) مقولٌ في جواب، في جواب هذا متعلِّق بقوله: (مَقُولٌ).

(جَوَابِ مَا) جواب مضاف وما مضاف إليه.

حينئذٍ (جَوَابِ) خرَج به العرض العام، (مَا هُوَ) خرَج به ما يجاب بأي، وهو الفصل والخاصة؛ لأن السؤال محصورٌ في اثنين: ما وأيّ .. (مَا هُوَ) أيُّ شيءٍ هو؟ في ذاته، في عرضه .. هذا يأتي تفصيله.

حينئذٍ ما يقع جواباً لأي هو الفصل والخاصة، وما يقع جواباً لما هو الجنس والنوع.

هنا قال: (فِي جَوَابِ) إذاً: ما لا يقع في جوابٍ أصلاً لا يدخل معناه، بل خرج بهذا القيد وهو العرَض العام.

(فِي جَوَابِ مَا هُوَ).

قال المصنف هنا: (خرَج به الفصلُ، والخاصةُ، والعرَض العام).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015