(لأنه إذا سُئل عن زيدٍ وعمروٍ بـ: ما هما؟ كان الإنسان جواباً عنهما؛ لأنه تمام ماهيّتِهما المشترِكة).

(لأنه تمام ماهيّتهما) أي: زيدٍ وعمروٍ (المشترِكة بينهما).

قال العطار: يُقرأ بصيغة اسم المفعول على الحذف والإيصال أي: المشترَك فيها.

فالمشترِك بصيغة اسم الفاعل وهو أفراد النوع: مشترَك مشترِك، مشترَك فيها الماهيّة، والمشترِك هو الأفراد.

المشترِك بصيغة اسم الفاعل أفراد. إذاً: يكون الأولى بالفتح "مشترَكَة" التي اشتُرك فيها.

إذاً: يُقرأ بصيغة اسم المفعول على الحذف والإيصال أي: المشتَرَك فيها، المشترِك بصيغة اسم الفاعل وهو أفراد النوع، وهي الأشخاص الجزئية؛ لأن الاشتراك إنما يكون بين متعدد، والماهية شيءٌ واحد، والاشتراك يكون باعتبار التعدد.

ثم معنى: اشتراك الأفراد في الماهيّة أن كل فردٍ إذا جُرِّد عن مشخَّصاتِه الخارجية كان غير الحقيقة الإنسانية؛ إذْ الكُلِّيّات تُنتَزَع من جزئياتها، قلنا فيما سبق: الكلِّي وجودُه ذهني، فحينئذٍ لا وجود له في الخارج إلا في ضمن أفرادِه.

(وإذا سُئل عن كلِّ واحدٍ منهما) يعني: وحده .. ما زيدٌ؟ فقط، ما عمروٌ؟ (كان الجواب ذلك أي: إنسان. أيضاً كما كان جواباً عن المشترك؛ لأنه) أي: إنسان (تمامُ ماهيتِه المختصة به).

(به) أي: الفرد.

لأنه -يعني: لفظ إنسان- تمام ماهيته -ماهيّة الفرد- المختصة به. يعني: الفرد.

يعني: هو الذي يتميز به عن غيره، يتميز به عن الفرس والحمار والبقر وغيره .. بكونه حيواناً ناطق.

تمام الماهيّة هذا مختصٌ بالإنسان، حينئذٍ لا يشترِك معه غيرُه البتة من أفراد الجنس، فلا يشترك معه الفرس ولا غيرُه.

(لأنه تمامُ ماهيته المختصةِ به).

قال العطار: معنى الاختصاص: أن الحقيقة الكُلّيّة لما شُخِّصت بتلك العوارض المخصوصة القائمة بزيدٍ مثلاً كانت مختصة به بهذا الاعتبار، وهذا لا يستلزم كون المشخِّصات من الماهيّة؛ لأنها من قبيل العرَض دون الذاتي.

قال المحشِّي هنا: قولُه: (تمام ماهيته المختصة به) أي: الفرد.

إن قلتَ: لا نسلِّم أنه تمام الماهيّة الخاصة به؛ لأن الإنسان حيوانٌ ناطق، وماهية زيدٌ حيوان ناطق متشخَّصٌ لإنسان، وهو ماهيّة مشتركة بين أفراده لا مختصة ببعضها.

أُجيبَ: بأن المشخّصات عوارض الماهيّة .. هو كلام العطار السابق.

قال: (وَيُرْسَمُ) أي: يُعرَّف النوع.

(بِأَنَّهُ كُلِّىٌّ) دَخَل فيه سائر الكُلِّيّات، هو يجري على أمرٍ هنا.

أولاً: يذكُر التقسيم، ثم يعرِّفه.

يعني: الآن عندنا تقسيم وتعريف؛ لأنه قال: الكلِّي الذاتي إما مقولٌ على كثيرين فهو الجنس ويُرسَم بكذا ..

يعني: أشبه ما يكون بقوله: طويُرسم كذا" جملةٌ معترضة بين الأقسام. فالكليُّ ذاتيٌ.

ثم قال: إما مقولٌ على كثيرين مختلفة حقائقُها في جواب ما هو كفرس وإنسان وهو الجنس.

(وَإِمَّا مَقُولٌ فِي جَوَابِ مَا هُوَ) هذا النوع، وتأتي جملة عارضة بين التقسيمات بالتعاريف، وإلا يقال بأنه كيف ذَكَر أولاً التقسيم ثم ذكر التعريف؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015