لكن قوله: "العرض العام" هنا أخَّره، لو قدَّمه لكان أحسن؛ لأنه إذا أراد الترتيب (جَوَابِ مَا) إذاً يقول: خرج به -أي: بهذا القيد .. (جَوَابِ مَا) - العرضُ العام، والفصل، والخاصة. على الترتيب.

(وخرج به الفصل، والخاصة، والعرض العام).

قال هنا: خرَج بقوله: (فِي جَوَابِ) الفصلُ والخاصة خرجا بإضافة جواب لـ (مَا هُوَ) الحاشية.

والعرض العام خرج بقوله: (فِي جَوَابِ) يعني: العرض خرج بالمضاف، والفصل والخاصة خرجا بالمضاف إليه. وهذا يؤكِّد لك أن المضاف قيد والمضاف إليه قيد، حتى في استعماله.

"غلام زيدٍ" إذاً: غلام قيد، وزيد قيد. كلٌ منهما قيَّد الآخر.

ولذلك قولٌ ثالث في المسألة: أيهما المضاف والمضاف إليه؟

قيل: المضاف هو غلام، وزيد مضافٌ إليه، وقيل: بالعكس. هذا قول موجود حكاه السيوطي في الأشباه.

قيل: العكس، غلام مضافٌ إليه وزيد مضاف، وقيل: كلٌ منهما مضاف ومضاف إليه؛ لأن كلاً منهما قيْد.

سمَّيته مضاف .. إلى آخره، النتيجة ماذا؟ ماذا تفْهم من مدلول هذا التركيب الإضافي؟

تفهم أن غلام قيدٌ في زيد، وأن زيداً قيدٌ في غلام. سمّيته مضاف ومضاف إليه، لا إشكال فيه، لكن الجمهور على أن الأول مضاف والثاني مضاف إليه.

قال هنا: (مع أن الثالث يخرج بما خرج به الجنس أيضاً).

ما هو الثالث؟ العرَض العام، ولذلك قال: (خرج به الفصل، والخاصة، والعرض العام.

مع أن الثالث) يعني: العرض العام (يخرج بما خرج به الجنس أيضاً).

يعني: العرض العام على ظاهر كلامه -وإن كان ليس مراداً- أن له فصلين، خرج بما خرج به الجنس وخرج الجنس بقوله: حقيقة (دُونَ الحَقِيقَةِ).

وخرج بهذا القيد الذي هو (جَوَابِ) كذلك العرض العام.

لأن قوله: "ماشٍ" هذا عرض عام،"ماشٍ" هل هو خاصٌ بالإنسان؟ الجواب: لا، الإنسان يمشي والفرس يمشي، والدجاجة تمشي، والوِزَّة تمشي، الحمامة تمشي ..

إذاً (عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ) في الحقائق، حينئذٍ يمكن أن يُخرَج بهذا القيد –الحقيقة- الجنس، وكذلك العرَض العام.

قال العطار: أي: كما خرج بما خرج به الفصل والخاصة.

(يخرج بما خرج به الجنس أيضاً) أي: كما خرج بما يخرُج به الفصل والخاصة.

(أيضاً) ما إعرابها؟ مفعول مطلق، إذا قيل: ما إعرابُها؟ لا تأتي بالمصدر .. آض يئيض أيضاً هذا مصدر، فهو مفعولٌ مطلق، واجبُ النصب بفعلٍ محذوف واجب الحذف، وهو آض يئيض رَجَع رُجوعاً لما سبق.

أي: كما خرج بما يخرُج به الفصل والخاصة.

قال العطار: وقد يقال: إنه إذا خرج بالقيد الأول "يعني: الحقيقة" لا يحتاج إلى إخراجه بهذا القيد وهو كذلك، وهذا الأصل.

يعني: لماذا لم تخرجه ابتداءً؟ ما دام أن العرض العام يخرج بالحقيقة، إذاً قل: خرج به الجنس والعرض العام، لماذا تؤخِّره؟

فإذا دخل في الأول وأمكن إخراجه أخرجناه، هذا الأصل.

إلا أن يقال: إن قولَه: (يخرُج بما خرج به الجنس .. ) إلى آخره أي: هو صالحٌ لأن يخرُج به لا أنه خرَج بالفعل حتى يلزَم تحصيلُ الحاصل.

لأنه إذا خرَج بما سبق بالحقيقة، كيف تُخرجه مرة ثانية؟ المُخرَج لا يخرُج، الجالس لا يجلس .. لا يمكن أن تطلب منه اجلس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015