فإن قيل: ما زيدٌ وعمروٌ وبكرٌ؟ زيد هذا فرد، وعمروٌ هذا فردٌ وبكرٌ هذا فرد، وكلٌ منها فردٌ من لفظ إنسان، فيجاب بإنسان الذي هو النوع.
وهذا هو المراد بقوله: (بِحَسَبِ الشَّرِكَةِ) بأنه تمام الماهيّة المشترَكةِ بينهم.
وتارة يُحمَل على فردٍ واحد نحو: ما زيدٌ؟ فإن جوابَه إنسانٌ، وهذا هو المراد بقوله: (وَالخُصُوصِيَّةِ).
وهذا الذي أطبق عليه المحقِّقُون من شُرَّاح هذا الكتاب. يعني: ثَم خلافٌ في تفسير كلام المصنف.
قال العطار هنا في قوله: (بِحَسَبِ الشَّرِكَةِ وَالخُصُوصِيَّةِ مَعًا) أي: يصحُّ أن يكون جواباً عن الشيء حالة الإفراد أو حالة الجمع .. حالة الإفراد في قوله: (الخُصُوصِيَّةِ)، وحالة الجمع في قوله: (الشَّرِكَةِ).
(كَالْإِنْسَانِ) فإنه إذا سُئل عن زيدٌ –مثلاً- بما هو؟ يصح أن يقال: الإنسان، ولو سُئل عن زيدٍ وعمروٍ وبكرٍ فكذا يصح أن يقال: الإنسان. كما سبق.
فظهَر أن المراد "هذا محل الشاهد هنا" فظهَر أن المراد بالمعيّة. أين المعيّة؟
قوله: (مَعًا) هل هو في وقتٍ واحد؟ لا ليس في وقتٍ واحد، إنما في حالة، هذا المراد فلا يلتبس.
فظهر أن المراد بالمعية هو الصلاحية للجواب بحسبِهما - (الشَّرِكَةِ وَالخُصُوصِيَّةِ) - وليس المراد المعيّة الزمانية في زمنٍ واحد - (الشَّرِكَةِ وَالخُصُوصِيَّةِ) -.
وفائدة الإتيان بـ: معاً هنا: دَفْعُ توهُّمِ حمل الواو على معنى أو، فإنه كثيرٌ شائع.
قال: (بِحَسَبِ الشَّرِكَةِ وَالخُصُوصِيَّةِ) لو قال: بحسب الشركة والخصوصية. الظاهر أنهما متقابلان فلا يجتمعان، فحينئذٍ تُفسَّر الواو هنا بمعنى "أو" .. بحسب الشركة أو الخصوصية.
فدَفَع هذا الوهم الذي قد يرد على الناظر والقارئ المتعلم .. دفعَه بقوله: (مَعًا).
إذاً: الواو على بابها؛ لأنها تفيد الجمع، هذا الأصل: مطلق الجمع، فحينئذٍ الواو على بابها.
وفائدة الإتيان بـ: معاً: دفعُ توهُّمِ حملِ الواو على معنى "أو" فإنه كثيرٌ شائع، لا سيما مما يتراءى من منافاة الشركة والخصوصية الظاهرة. بينهما منافاة.
فإنها تدعو إلى ذلك الحمل وهو غيرُ مراد، فزيد لفظ "معاً" دفعاً لذلك. هذا المراد على ما ذكره المحشي فيما سبق.
إذاً: (مَقُولٌ) أي: محمولٌ.
(عَلَى كَثِيرِينَ) .. (فِي جَوَابِ مَا هُوَ بِحَسَبِ الشَّرِكَةِ وَالخُصُوْصِيَّةِ مَعًا) فتارةً يقع جواباً مشترَكاً بين مسئول عنه، وتارة يقع جواباً على فردٍ واحد.
قال: (كَالْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَفْرَادِهِ نَحْوُ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهُوَ النَّوْعُ).
يقال: زيدٌ إنسان، وعمروٌ إنسان. هذا مقُولٌ.
أو يقال: ما زيدٌ؟ فيقال: إنسان، أو: ما عمروٌ؟ فيقال: إنسان.
أو: ما زيدٌ وعمروٌ؟ فيقال: إنسان.
يعني: المثال هذا تجعَله للشركة والخصوصية (نَحْوُ زَيْدٍ وَعَمْرٍو).
(نَحْوُ زَيْدٍ) يعني: ما زيدٌ؟ هذا مفرد .. خصوصية، فحينئذٍ تقول: إنسان.
"عمروٍ" ما عمروٌ؟ تقول: إنسان، هذا على جهة الخصوصية.
مثال على جهة الشركة تقول: ما زيدٌ وعمروٌ؟ تقول: إنسان. إذاً: جاء مثالٌ صالحاً لهما.
(وَهُوَ النَّوْعُ) يعني: هذا الكلِّي يسمى بالنوع عند المناطقة.