وهذا معنى قوله: (بِحَسَبِ الشَّركَةِ المَحْضَةِ).
قال العطَّار: أي الخالصة من شائبة الخصوصية كما في النوع المقابِل له.
الخصوصية بأن يُسأل عن واحدٍ فقط، هذا المراد بالخصوصية، فالنوع تارة يُجاب به فيما إذا سُئل بشيءٍ مُشترَك، وتارة يجاب به إذا سُئل عن واحد، الجنس لا. لا يأتي عن واحد وإنما نعدل إلى التعريف، وأما المشترك فهو الذي يُجاب به.
قال رحمه الله تعالى مبيِّناً قاعدة: (والمسئول عنه بما) يعني: بلفظ ما.
(منحصرٌ في أربعة:
الأول: في واحدٍ كُلّيٍ نحو: ما الإنسان؟) هنا المسئول عنه، الكلام عن ما بعد ما.
ما متحدة في الأربعة الأقسام، لكن ما بعد ما قال: (واحدٍ كُلّي) واحد يعني: غير متعدد، وإنما سَأل عن لفظٍ واحد، ليس عندنا تعدُّد أفراد وإنما عن شيءٍ واحد.
(واحد كُلّي نحو: ما الإنسان؟) هذا الأول.
(الثاني: وواحدٍ جزئيٍ نحو: ما زيدٌ؟) "ما" كقوله: ما الإنسان؟ ما زيدٌ؟ اتحد ما، لكن الخلاف أن ما بعد ما في: ما الإنسان كُلّي، والثاني جزئي زيد.
(الثالث: أن يكون ما بعد ما المسئول عنه: كثيرٍ) بالجرّ.
في واحدٍ، وواحدٍ جزئي، وكثيرٍ.
(متماثل الحقيقة). أراد به النوع، هذا نوع.
(نحو: ما زيدٌ وعمروٌ وبكرٌ؟) هذا كثير يعني: ليس واحداً.
(متماثِل الحقيقة) يعني: أفرادُه متّحدة، هذا خاصٌ بالأفراد؛ إذ لا توجد حقيقتان متماثلتان (متماثل الحقيقة) الحقيقة التي هي: حيوان ناطق. هذا المراد بها، أما الأفراد فلا.
(نحو: ما زيدٌ وعمروٌ وبكرٌ؟).
(الرابع: وكثيرٍ مختلفِها) يعني: مختلف الحقيقة.
(نحو: ما الإنسان، والفرس، والشاة؟).
هذه أربعة أشياء: الأول أن يكون المسئول عنه ما بعد .. ما يُسأل بها عن أربعة أشياء، أن يكون ما بعدها واحدٌ كُلّي نحو: ما الإنسان؟ الإنسان واحد كُلّي ليس متعدداً.
الثاني: واحدٌ جزئي ما زيدٌ، ليس عندنا تعدد زيدٌ عمروٌ لا، واحد فقط.
الثالث: كثير، لكنه متماثل في الحقيقة .. حقيقته واحدة حيوان ناطق، مثل: ما زيدٌ وعمروٌ وبكرٌ؛ لأنه قد يُسأل مع اختلاف الحقائق، مثلاً تقول: ما زيدٌ والفرس؟ هذا نوع سيأتي إشارة إليه، لكنه هنا قال: (متماثل الحقيقة) يعني: حيوانٌ ناطق. زيدٌ وعمروٌ وبكرٌ متعدِّد.
رابعاً: (كثيرٍ مختلفِها) أي: مختلف الحقيقة.
قال هنا: (نحو: ما الإنسان والفرس والشاة؟
والجوب عن الأربعة منحصرٌ في ثلاثة أجوبةٍ؛ لاشتراك الثاني والثالث) الثاني: ما زيد، والثالث: الذي هو ما زيدٌ وبكرٌ وعمروٌ (في جواب واحد).
قال المحشِّي: فيجاب عن الأول وهو الواحد الكلِّي بحدِّه التام.
لو قال لك: ما الإنسان؟ ما تقول: حيوان كما ذكرنا في السابق؛ لأن الجنس لا يقع جواباً عن واحد ولو كان كُلّياً، وإنما يقع عن متعدد.
إذاً: يجاب عن الأول وهو الواحد الكلِّي بحدِّه التام كـ: حيوانٌ ناطق.
وعن الثاني وهو الواحد الجزئي، وعن الثالث وهو الكثير المتماثل في الحقيقة بجواب واحد وهو النوع.
ما زيدٌ؟ تقول: إنسان.
ما زيدٌ وبكرٌ وعمروٌ؟ متعدد .. إنسان.
اتحدا يجاب بالنوع؛ لأنه تمام ماهيّتها المشترَكة بينها، ولا عبرة بالمشخِّصات المختلفة. ما هي المشخِّصات؟
الأعراض.
الأعراض: الطول والقصر، البياض والسواد .. إلى آخره، هذه أعراض.