قال رحمه الله تعالى: (ثم أَخذ في بيان الكُلِّيّات الخمس، وبدأ بالذاتي منها) الكُلِّيّات الخمس وعرفناها على جهة الإجمال.
قال الشيخ الأمين رحمه الله تعالى: الكُلّي إما أن يكون تمام الماهيّة أو ليس بتمامها. ما كان تمام الماهيّة فهو النوع.
فإن كان تمام الماهيّة فهو النوع، وإن كان غير تمامها فهو إما داخلٌ فيها وإما خارجٌ عنها.
إذاً: إما تمام الماهيّة أو ليس بتمامها.
الأول: النوع.
ثم إن كان غير تمامها "الذي هو الثاني" إما داخلٌ فيها وإما خارجٌ عنها.
فإن كان داخلاً فيها فلا يخلو: إما أن يكون أعم منها -وهذا شأن الجنس-.
وإما أن يكون مساوياً لها.
فالأول الجنس، والثاني الفصلُ.
وإن كان خارجاً عنها فلا يخلو أيضاً: من أن يكون أعم منها أو مساوياً لها، -الأعم هو العرض العام-.
فإن كان أعم منها فهو العرض العام، وإن كان مساوياً لها فهو الخاصةُ. هذا ذكره في بيان وجه الحصرِ في هذه الخمسة.
قال العطار: وجه الحصر بأن الكلِّي إما أن يكون ذاتياً أو عرَضياً. يعني: جاء باعتبار التصنيف الذي ذكره المصنف.
فإن كان ذاتياً فإما أن يدل على الماهيّة أو لا يدل.
فإن كان دالاً على الماهيّة المشتركة فهو جنس، وإن كان دالاً على الماهيّة المختصة فهو نوع، وإن لم يدل على الماهيّة فلا يجوز أن يكون أعم الذاتيات المشتركة، وإلا لدل على الماهيّة المشتركة، فتكون أخص منه فهو فصْلٌ صالحٌ للتميز عن بعض المشارِكات في أعم الذاتيات.
وإن كان عرضياً فإما أن لا يكون مشترَكاً فيه فهو الخاصة، أو يكون فهو العرَض العام، كلام الشيخ الأمين أوضح من هذا.
قال: (ثم أخذ في بيان الكُلِّيّات الخمس، وبدأ بالذاتي منها). لماذا؟ (لأنه العمدة منها فكان الأنسب أن يقدِّم النوع أو يؤخِّرَه) بناءً على أن النوع ذاتي.
(ويقارِن بين الجنس والفصل) لأنه فصَل بينهما، لم يرتب على الترتيب المشهور عند المناطقة.
(فكان الأنسب أن يقدِّم النوع أو يؤخَّرَه، ويقارن بين الجنس والفصل، كما فعل غيره للمناسبة بينهما من حيث إنهما جزءان) يعني: الجنس والفصل.
(ولكنه اعتبر مناسبة أخرى بين الجنس والنوع) لأنه قدَّم الجنس ثم النوع، ثم بعد ذلك ذكر الفصل، أيهما أولى؟ أن يجمع بين الذاتي والذاتي، خاصة إذا قلنا: إجماع على أن الجنس ذاتي والفصل ذاتيٌ، إذاً: التوالي بينهما مطلوب .. هو الأنسب، يأتي بالجنس ثم بعد ذلك الفصل. هو لا جاء بالجنس ثم النوع ثم الفصل.
إذاً: فصَل بينهما، ولذلك كان الأنسب أن يقدم النوع أو يؤخره.
(ويقارن بين الجنس والفصل كما فعل غيرُه للمناسبة بينهما من حيث إنهما جزءان، ولكنه اعتبر مناسبةً أخرى بين الجنس والنوع وهي المقُولة على كثيرين دون الفصل) لأن الجنس يُحمَل على كثيرين حقائقُهم مختلفة.
والنوع يُحمَل على كثيرين حقائقُهم متحدة أومتفقة.
والفصل لا يحمل على كثيرين، لهذه المناسبة جمع بين الجنس والنوع .. مناسبة لا بأس بها.
(ولما كان المختلِف في العدد والحقائق وهو الجنس: أولى باسم الكثرة من المختلف في العدد فقط، قُدِّم عليه، وأتى بالفصل بعد النوع؛ لتقدُّم الجنس على الفصل من حيث إن الجنس أعم).