وبدأ بالذاتي منها فقال: (وَالذَّاتيُّ: إِمَا مَقُولٌ فِي جَوَابِ مَا هُوَ).
(قوله: الذاتي) قال المحشِّي هنا: (إن قلتَ: لم عدَل عن الضمير والمقامُ له؟).
الأصل أن يقول: وهو. لكن قال: وبدأ بالذاتي منها فقال: (وَالذَّاتيُّ) هو يتكلم في السابق على الذاتي والعرَضي ثم قال: (وَالذَّاتيُّ).
(إن قلتَ: لم عدم عن الضمير والمقام له لتقدِّم مرجعه في قوله: إِمَّا ذَاتِيٌّ؟ قلتُ: للتنبيه على أن الذاتي هنا غير الذاتي فيما تقدم، فإنه هنا أعمُّ من المتقدم؛ إذْ الظاهر أن المتقدم لا يشمل النوعَ).
ولذلك قلنا: اختلف في اصطلاح المصنف، قلنا في السابق عرَّف الذاتي بالداخل في الجزئيات "الذي يدخل" قلنا: خرج النوع.
وهنا أراد أن يقسِّم الكُلِّيّات الذاتية فأَدخل النوع، كيف أدخله وأخرجه؟ حينئذٍ الذاتي هنا أعاده بلفظه ولم يأت بالضمير ليبيِّن أن ثم اصطلاحٌ آخر، فالذاتي هنا غير الذاتي هناك.
وهذا مما دلت القرينة على أنه إذا أُعيدت المعرفة معرفة فالأصل فيها أنها عينُها، ولكن هنا لا ليست عينها، وإنما هي مغايِرة.
قال: (قلت: للتنبيه على أن الذاتي هنا غير الذاتي فيما تقدم، فإنه هنا أعم من المتقدِّم؛ إذ الظاهر أن المتقدم لا يشمل النوع.
وما هنا شاملٌ له بقرينة ذكره في أقسامه، ولدفع توهُّم عودِه للعرضي) (إِمَّا ذَاتِيٌّ، وَإِمَّا عَرَضِيٌّ: وَهُوَ) يحتمل أنه يعود إلى العرضي، فدفْعاً لهذا الوهم قال: (وَالذَّاتيُّ).
(لأقربيتيه قبل التأمل في باقي الكلام، ففي كلامه شِبه استخدامٍ).
قال رحمه الله: (وَالذَّاتيُّ: إِمَا مَقُولٌ فِي جَوَابِ مَا هُوَ).
(مَقُولٌ) يعني: محمول.
هنا قال: (أي: صالحٌ لأن يُحمل حَمْلَ مواطئة لا حمل اشتقاق، وإلا لزم كون البياض جنساً للإنسان).
إذاً: (مَقُولٌ) (أي: صالحٌ لأن يُحمَل حَمْلَ مواطئة) يعني تحقق فيه معنى الكلِّي .. مقول يعني: محمول حملَ مواطئة.
(فِي جَوَابِ مَا هُوَ بِحَسَبِ الشَّركَةِ المَحْضَةِ) أي: الخالِصة من شائبةِ الخصوصية كما في النوع المقابِل له؛ لأنه سيذكر في النوع الشركة والخصوصية معاً.
وهنا قال: (فِي جَوَابِ مَا هُوَ بِحَسَبِ الشَّركَةِ المَحْضَةِ) أي: الخالصة، في بعض النسخ "الشركة" فقط.
قال بعضهم: هذا القيد لا بد منه؛ لإخراج النوع فإنه يقال بحسب الشركة والخصوصية معاً. وسيأتي ذكره.
فيُعلم أن الجنس يقال بحسب الشركة لا الخصوصية؛ ليتحقق التقابل بينهما، أو يقال المراد بالشركة المحضة الشرِكة التي بين الحقائق لا التي بين الأفراد، لكن المراد أنه مقابِلٌ للنوع؛ لأن النوع يصدُق على شخصٍ واحد، يقال: ما زيدٌ؟ يقال: إنسان، وأما الجنس هنا فيتعين أن يكون في الشركة لكن في الخصوصية وإن كان يصح أن يقال به، لكنه في الحقيقة لا.
وحينئذٍ قوله هنا: (بحسب الشركة المحضة ليقابِل النوع) وسيأتي الكلام في النوع.
قال: (كالحيوان بالنسبة إلى أنواعه نحو: الإنسان والفرس).
(كالحيوان) هذا ذاتيٌ (مَقُولٌ فِي جَوَابِ مَا هُوَ بِحَسَبِ الشَّركَةِ المَحْضَةِ) يعني: التي تكون بين الأفراد لا بالنظر إلى شيءٍ آخر.