حينئذٍ: بأن هذه التسمية اصطلاحية لا لغوية أمنع النسبة، ولذلك قال: منع تحقق النسبة.

(وهذا الجواب -وبأن الذات لو سلَّمنا بأن النسبة موجودة- وهذا الجواب بتسليمها وتحقيق وجود المنسوب والمنسوب إليه، كما تُطلق على الحقيقة تُطلق على مصدقِها) يعني: الأفراد والجزئيات التي تصدق الماهيّة عليها.

قوله: (مصدقها) هذه مؤلفة ومركبة من (ما صدق) اسم موصول وفعل ماضي صَدَق.

قوله: (على مصدقِها) تصرَّف المناطقة في هذا، فجعلوا اللفظين بمنزلة كلمة واحدة، وأدخلوا الجار عليه وجرُّوه به، وأصله مركب من ما الموصولة، وصدَق فعلٌ ماضي.

ما صَدَق عليه اللفظ، هذا أصل التركيب.

"زيدٌ وعمرٌ وبكرٌ" ما صدق عليه لفظ إنسان يعني: الذي حُمِل عليها، فالصدق هنا المراد به الحملُ، فإذا قلت: إنسان يصدُق على زيد وعمرو، كأنك قلت: يُحمل على زيد وعمرو .. يصدق على زيد وعمرو.

بل يصدق أولى؛ لأن الصِّدق هنا المراد به: ما يُحمِل حملَ مواطئةٍ.

ولذلك يُستنكَر إذا قيل بأن يُحمَل على أفراده، هذه كلمة فيها شيءٌ من السَّعة؛ لأنك إذا قلت: يُحمل. دخل معنا الحمْل بنفسه وبالاشتقاق وبالإضافة.

لكن إذا أردت التحرير وأردت أن المراد هنا حمل المواطئة قل: صَدَق؛ لأنه ما صدق على أفراده يعني: حُمِل عليه حمل مواطئة، ولا يدخل معنا هنا الاشتقاق والإضافة فهو أولى.

قال: (وأصلُه مركب من ما الموصولة، وصدَق فعلٌ ماضي أي: ما صدق عليه الماهيّة) يعني: من الأفراد.

(والصدقُ بمعنى الحمل) على التفصيل الذي ذكرناه.

(فمصدوق الموصول على صلته الأفراد، فإن تلك الأفراد تُحمل على الماهيّة كزيدٍ وعمرو .. إلى آخره.

فإنه يقال: زيدٌ إنسان، وعمروٌ إنسان .. إلى آخره.

فعلى هذا تُفتح القاف في صدقَ) في "ما صدق"، ونحن نختصرها "المصدق" نقول، سمعتُها من مشايخ هكذا، وإلا الأصل نقول: ما صَدَق على أنه ماضي، لكن إذا تصرفوا فيه وركَّبوه جعلوه كلمة واحدة، إذاً: نُجري عليه الأحكام يعني: نجرُّه بحرف الجر، ثم ما صدقِ نأتي بالكسرة، وقد قيل به -والله أعلم- فيما أذكره.

لكن على كلٍ أصله هذا، والمراد بها: ما يُحمَل على الأفراد، جرَرْتَها أم أبقيتُها لا إشكال فيه، لكن هي منقولة. يعني أصلها مركَّب، أصلها كلمتان: (ما) و (صدق)، ثم مُزِجت وجُعلت كلمة واحدة، لك أن تعتبر الأصل في الإعراب ولك أن تعتبر ما آل إليه الوضع بعد ذلك.

تقول: على الما صدقِ.

إن قلنا بكلام العطار أنه تُفتح القاف دائماً على الما صدقَ، فكيف أدخلت على؟ أنت جعلتها كلمة واحدة، فإذا أدخلت (على) معناه أنك تصرفت في الكلمة تصرف المفرد.

إذاً: جُرها بالكسرة، ولا إشكال فيه. على كلٍ خلافٌ لفظي.

(كما تُطلق على الحقيقة تُطلق على مصدقِها، ويمكن نسبة الحقيقة إلى مصدقها) يعني: إلى الأفراد والجزئيات التي تصدق الماهيّة عليها.

إذاً: الكلِّي إما ذاتي وإما عرضي.

الذاتي دخل فيه الجنس والفصل؛ لأنه حدَّ ذاتي بالذي يدخل في جزئياته .. داخل، والعرضي بخلافه: ما ليس بداخل.

وحينئذٍ شمِل الخاصَّ والعرض العام، بقي النوع على الخلاف المذكور.

والصواب أن نقول: لا ذاتيٌ ولا عرضيٌ. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015