(فيكون النوع على هذا عرضياً، كما سيقول الشارح فيخالفُه ما سيأتي للمصنف من تقسيمه الذاتي إليه وإلى الجنس، ولعل الأحسن في الجواب أن يقال: إنه جرَى على الاصطلاحين).
يعني: هنا المصنف -صاحب المتن الذي قال-: (الَّذِي يَدْخُلُ فِي حَقِيقَةِ جُزْئِيَّاتِهِ) في ظاهر كلامه أن النوع ليس بذاتي، بل هذا الظاهر، وسيأتي أنه يقسِّمه -الكُلّي الذاتي- يقسّمه إلى جنس وفصل ونوع، كيف أدخَله وكيف أخرَجه؟
جرى على الاصطلاحين. يعني: لا يلتفت إلى كونه ذاتياً أو عرضياً؛ لأنه لا ينبني عليه شيء، فجرى على اصطلاحٍ في موضع عند تعريف الذاتي، وأخرَج النوع، ولما جاء يقسِّم الكلِّي الذاتي قسّمه إلى النوعي، كيف أنت أخرجتَه ثم قسّمته؟ هذا تعارُض.
الجواب: أنه لا يُحرَّر في هذه المسألة؛ لأنه لا ينبني عليه كبير علمٍ بما يتعلق بما سيأتي، فقد يجري على اصطلاح في موضع ويجري على اصطلاح آخر في موضع آخر كما هو الشأن في المفرد الذي سبق معنا.
قال: (كَالحَيَوَانِ بِالنَّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ) (فإنه داخلٌ فيهما).
(كَالحَيَوَانِ بِالنَّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ) (فإنه) أي: الحيوان.
(داخلٌ فيهما) أي: الإنسان والفرس. لماذاظ
(لتركُّبِ الإنسان من الحيوان والناطق) فنقول الإنسان حيوان ناطق.
إذاً: حيوان هذا كُلّي ذاتي وهو جنس؛ لأنه يدخل في حقيقة جزئياته، كيف نقول إذا أردنا الإنسان ما تعريفه؟ حيوانٌ ناطق. إذاً: دخل .. صار جزءاً؛ لأن الإنسان ليس هو الحيوان فقط، وليس هو الناطق فقط وإنما هو حيوانٌ ناطق. إذاً: جزءه الذي تألّف وتركب منه هو الحيوان.
(فإنه داخلٌ فيهما لتركُّبِ الإنسان من الحيوان والناطق، والفرس من الحيوان والصاهل) ما هو الفرس؟ تقول: الحيوان الصاهل. إذاً: الحيوان هذا يعتبر كُلّياً.
ثم هو كُلّيٌ ذاتي؛ لأنه يدخل في الماهيّة .. في الحقيقة فيكون جزءاً منها.
قال: (وَإِمَّا عَرَضِيٌّ: وَهُوَ الَّذِي يُخَالِفُهُ) أي: يخالف الذاتي.
(أي: لا يدخل في حقيقة جزئياته) الأول هو الذي يدخل، والثاني يخالفه يعني: الذي لا يدخل.
(أي: لا يدخل في حقيقة جزئياته، فهو من إطلاق الأعم وهي المخالَفة على الأخص وهي المناقَضة بقرينة المقابلة.
واصطلاحُ المناطقة: أن المخالِف ما يمكن اجتماعُه مع مقابله كالضحك والقيام، وما لا يمكن اجتماعه معه لا يسمونه مخالفاً بل مناقضاً، فكان الأولى للمصنف أن يقول: ما يناقضه) بدل أن يقول: (وَهُوَ الَّذِي يُخَالِفُهُ) والذي يناقضه.
(وَإِمَّا عَرَضِيٌّ: وَهُوَ الَّذِي يُخَالِفُهُ) (أي: لا يدخل في حقيقة جزئياته) يعني: ليس داخلاً في الماهيّة. مثل ماذا؟
(كَالضَّاحِكِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ) يعني: الإنسان لم يتألف من القوة التي تصدُر عنها الضحك.
حينئذٍ نقول: الضاحك والماشي وأيُّ صفة تتعلق بالإنسان يختص بها ليست داخلة في الأصل في ماهيته وحقيقته.
فكل ما لم يكن داخلاً فهو عرضي، فالطول والعرض والسِمَن واللون .. كل هذه تسمى أعراضاً وليست داخلة في الماهيّة.